|


سعيد غبريس
بلاتر والقدر العربي
2015-05-29
يحرص جوزف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة لقدم على الظهور بمظهر الصديق الكبير للعرب، بتواجده الدائم في المنطقة سواء في المناسبات الرياضية الرسمية أو في أي مناسبة رياضية حتى تلك التي لا تدخل في نطاق نشاطات "فيفا" كدورة كأس الخليج مثلاً.
ولكن يبدو أنّه كُتب على هذا السويسري العجوز أن تكون له "قرينة" من العرب، خاصة في الولاية الرابعة له على التوالي، حيث قضّ مضجعه القطري محمد بن همام، والآن وعشية ترشّحه للولاية الخامسة، حيث شّكل له الأردني الأمير علي بن الحسين شبحاً بين ليلة وضحاها، حيث حصلت تطورات دراماتيكية مفاجئة قبل يومين من انتخابات "فيفا"، تمّثلت بتوقيف 6 مسؤولين في الاتحاد الدولي متهمين بالفساد، ذلك بطلب من القضاء الأمريكي، وتتنوع التهم التي تطال 14 شخصاً بين الاحتيال والتزوير وتبييض الأموال والرشاوى، وتتعّلق تحديداً في منح حقوق النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم وتسويق البث.
هذه الضربة، التي حاول بلاتر أن يؤّكد بأنها ليست موجّهة له، أصابته في مقتل وخصوصاً أنّ الحديث عن الفساد في "فيفا" لا ينقطع منذ عشرين عاماً، وهو الذي شغل منصب الرئيس منذ 17 عاماً، وبغض النظر عن تورط الرئيس الذي صوّرته صحيفة "ذي تايمز" اللندنية كزعيم لـ مافيا الـ(فيفا) من خلال رسم كاريكاتوري، فإنّ هذا الحدث الذي وصفته الوكالات العالمية بالزلزال، سيؤثر على معنويات بلاتر وربما على تحوّل المد الذي كان يبدو، إلى ما قبل "نكسة" التوقيفات، أنّه سيحمل السويسري إلى قمة المجد عبر ولاية خامسة، تحوّل ذلك إلى جزر يسحبه أمام خصمه الأوحد العربي الأردني الذي يراهن عليه خصوم "الرئيس المنكوب" ولا سيما أنّ معظم المتهمين هم ممن يشكلون دعامة أساسية في رصيد بلاتر.
ولعلّ التعبير الأول والفوري على خلخلة "إمبراطورية بلاتر" ما قاله الرئيس الروسي بوتين بأنّ الولايات المتحدة تسعى لمنع إعادة انتخاب بلاتر، أضف إلى ذلك مطالبة الاتحاد الأوروبي بتأجيل عقد كونجرس "فيفا"، ربما لفسح المجال أمام إعادة جمع الصفوف في وجه الرئيس المترّنح، وبالتالي إنعاش فرص الأمير علي الذي خدمته هذه الأحداث ولا سيما أنّه ركز في حملته الانتخابية على فساد "فيفا".
تسارعت الأحداث وردود الأفعال في شكل مثير بعد إجراءات السلطات السويسرية في تنفيذ قرارات القضاء الأمريكي، فلم يعد ينقص سوى تدخّل الأمم المتحدة ودعوة مجلس الأمن للانعقاد.
وإن كنا في المنطقة العربية ننتظر التشفي من بلاتر، وأن ينطبق عليه المثل الشعبي: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها"، فيتجرّع كأس الإيقاف الذي افترى به على محمد بن همام، فإننا نخشى من الأصوات التي ما فتئت تطالب بإعادة فتح ملف تنظيم مونديالي روسيا وقطر، والتي ارتفعت وتيرتها في اليومين الأخيرين، ومن هنا لا بد من إعادة النظر في موقف الاتحاد الآسيوي والعديد من الاتحادات العربية، المؤّيد لبلاتر والمتنّكر لابن جلدتنا الأمير علي بن الحسين.