لا أعتقد أن سامي الجابر، المعروف عنه ذكاؤه وبعد نظره، فكّر ولو للحظة، حين قرر خوض عالم التدريب، بأنه سيسير على خطى فيرجسون مع مانشستر يونايتد أو على الأقل على خطى فينجر مع أرسنال لناحية طول أمد بقاء كل منهما مع فريق واحد (27 سنة للأول و17 للثاني) حتى ولو أنه يعرف هو والجميع أنه الابن البار للنادي الذي اختاره لمسيرته الحقيقية في عالم التدريب وما له من تاريخ وسجل مع الهلال والمنتخب السعودي.
فالاستمرار في عالم المدربين لايتحقق إلا بدوام النجاح، وحتى هذا الأمر لم يعد قاعدة ثابتة، فكثير من المدربين نجحوا مع هذا النادي أو ذاك، خصوصاً في محيطنا، ولكنهم لم يصبحوا من التاريخيين أوالرموز. وحب النادي لسامي كامتداد للعلاقة العاطفية المتينة ولنجاحاته كلاعب، لايشفع حين يتكرر سقوط الفريق..وفي هذه الحالة لا يكون سامي الجابر أو غيره، في مأمن من غضب الجمهور الذي تقلب الخسائر هتافاته إلى صفير، حتى لو كان محققاً في الموسم الماضي لقب البطولة..ولم تستطع إدارة نادِ حتى الآن الصمود في وجه الضغوط الجماهيرية.
سامي الجابر كمدرب، محصن بشهادة عليا وبتجربة ولو بسيطة مع أوكسير الفرنسي، ومحصن بحب جارف له في الهلال سواء من جانب الجمهور أو الشرفيين أو الإداريين، ولقد تعززت هذه الحصانة بما تحقق على الأرض في الأسابيع الثمانية الأولى، من الموسم الأول له مع "الأزرق" غير أن الأخطار باتت محدقة في الهلال في الأسبوعين الأخيرين من الدوري خصوصاً بعد التنازل عن الصدارة أمام الفريق الوحيد الذي يعتبر الهلال أن الخسارة على يده ليست عادية وغير مقبولة ولا تمر بدون حساب وإن آجلاً، فكيف إذا واصل النصر بنجاح في الصدارة وصولاً إلى اللقب الذي يهرب منه منذ عشرين سنة.
يواجه سامي الجابر ضغوطات تنوء بها الجبال، وأعتقد أن كلام الأمير عبدالرحمن بن مساعد عن أن النادي وفّر لسامي كل ما يريده بل سلمه كل الصلاحيات التي تخص كرة القدم وأحضر كل اللاعبين الذين طلبهم بالاسم .. هذا الكلام يفسر بأنه لا عذر للمدرب في حال إخفاقه، وقد طبّق الهلال، وغيره، هذه القاعدة أكثر من مرة ومع مدربين مخضرمين وعالميين ومن الأوزان الثقيلة..
نحن مع سامي ومع الأمير عبدالرحمن بن مساعد بأنه مازال هناك وقت ومباريات كثيرة، ولا يجوز الحكم على النتائج الآن، وكل الاحتمالات مفتوحة بألا تجري الرياح كما يشتهي الربان سامي وقد تهب رياح عاتية في حال فاز النصر بالدوري وانتزع كأس ولي العهد التي لا تبارح خزائن الهلال منذ خمس سنوات.. وقد يكون الفائز بالدوري أو بكأس ولي العهد غير النصر، ولكن ليس الهلال .. وهذا وارد .. فماذا سيكون مصير سامي الجابر؟ ولا أقصد هنا مصيره في الهلال، بل مصيره كمدرب، هل يذهب إلى فريق غير الهلال في السعودية؟ ربما، وربما خارج السعودية، ولكنه بالطبع لن يغادر مهنة التدريب، وهنا تبرز الآراء بأن سامي استعجل تدريب فريق ناد كبير كالهلال، وهو لم يتمرس بعد في معمعمة التدريب.
من غير الجائز القول إن صورة سامي كمدرب اهتزت بمجرد أن خسر صدارة الدوري أمام النصر، فهذا الأخير لم يضمن بعد لقب بطل الخريف، والهلال مازال في صلب المنافسة، ومن المحتمل ألاّ يفوز بالدوري ولا بكأس ولي العهد ولا بكأس الأبطال، ولكن إن كان منافساً رئيسياً في كل هذه المسابقات وبقي أميناً على عادته بأن يخرج بلقب على الأقل في كل موسم، هنا تكون فرصة سامي مرتبطة بعملية التقييم الموضوعي لحصيلة الموسم ككل.
صحيح أن الهلال يتميز عن غيره من الأندية بوحدة الصف مهما كانت الظروف ومهما حصلت خلافات في الرأي، ولكن لايخفى على أحد أن هناك متربصين بسامي الجابر من داخل النادي، وهذا كان واضحاً من خلال الذيول وردود الأفعال على حديثه الفضائي المثير وخاصة من رؤساء سابقين للنادي تناولهم الجابر في حديثه.. وهذا جانب مهم في حال برزت الفواتير المتأخرة.