قد لا نجد فريقاً مثابراً في دوري عبد اللطيف جميل مثل فريق النصر، ولا فريقاً يتعامل بجرأة وإقدام حيال المشاكل الطارئة والأزمات المالية الضاربة أطنابها في أروقة معظم الأندية، مثلما يتعامل ويُقدِم نادي النصر وعلى وجه الخصوص رئيسه الأمير فيصل بن تركي..
في المثابرة، النصر معلّم بعدم ابتعاده عن الصدارة المتنازع عليها مع الجار اللدود الهلال، أكثر من 24 ساعة، إلى أن حسم حين أصبح الحل بين يديه، بالمواجهة المباشرة مع الهلال في الجولة العاشرة من الدوري، وبالفوز المستحق لأنه لعب بدون لاعبيه البرازيليين الثلاثة إيفرتون وإلتون وباستوس، والذين كانوا في صلب التشكيلة الأساسية خلال التمارين حتى عشية المباراة حيث انسحبوا وتخلوا عن فريقهم بطريقة منافية للروح الرياضية ولأبسط قواعد الالتزام والمهنية، مع علمهم مدى حساسية وأهمية المباراة أمام المنافس التقليدي الذي كان انتزع من فريقهم صدارة الدوري.
لو حصل هذا الخذلان والتقاعس مع فريق غير متماسك، لكانت المباراة حسمت قبل بدئها.. ولكن هذا الثلاثي البرازيلي لم يخذل إلا نفسه، لأنّ " فعلته" زادت النصراويين تماسكاً وتصميماً، وكأن طيف الرمز الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود مرّ في مخيلتهم بشعاره:" النصر بمن حضر" ولسوء حظ البرازيليين "المتمردين" أن بدلاءهم حضروا بفاعلية وجاء الفوز عن طريقهم...
تصرّف الثلاثي إلتون وإيفرتون وباستوس، لا يعكس صورة سيئة للبرازيليين ككل بل لهم وحدهم، وإلا كيف نفسر تفهّم وصبر وإيجابية الثلاثي البرازيلي الآخر في نادي الاتحاد جبسون وليوناردو وبيانو، الذين يعانون مع فريقهم الاتحاد وضعاً مالياً أصعب ومع ذلك لم يبتزوا ولم ينسحبوا ليشترطوا دفع المستحقات المالية للعودة.. بل لعبوا وفازوا بالمباراة.. وبمرتبة الشرف.. وشتان ما بين ثلاثي الشرف هذا وثلاثي الخزي ذاك..
لقد غيّب المنسحبون أنفسهم عن تلك الأمسية الجماهيرية التي احتشد لها العدد الأكبر من الحضور حتى الآن والذي فاق الأربعين ألف متفرّج، كذلك غيبوا أنفسهم عن المتعة والإثارة التي تجري في عروق البرازيليين سواء اللاعبين أو المتفرجين.
والسؤال المطروح الآن: هل خسر النصر لاعبيه البرازيليين إلى الأبد؟ أم أنّ أحدهم سيدفع الثمن، وعلى الأغلب باستوس الذي اتهمه النادي بأنه الرأس المدبر لـ " المؤامرة" خاصة أنّ أنباءً ذكرت أنّ البرازيلي كماتشو الذي كانت له صولات وجولات في ملاعب المملكة، سيكون بديلاً له..
النصر الذي حقّق نقلة نوعية مع رئيسه الأمير فيصل بن تركي ومدربه الأوروجواني كارينيو، والذي يتوق إلى التتويج بعد عشرين عاماً على آخر فوز له بالدوري، بحاجة في المرحلة المقبلة إلى اللاعبين الأجانب، فالتنافس هذا العام قاسٍ وصعب، ويعلم النصراويون أنه تنتظرهم مباريات العيار الثقيل التي لم يتخطوا إلا واحدة منها في الجولة العاشرة أمام الهلال وستكون الثانية بعدها مباشرة في الجولة المقبلة أمام الاتحاد (اليوم) في حين أنّ انتصاراتهم الستة الأخرى كانت أمام فرق عير طليعية (نجران، النهضة، الرائد، الشعلة، الفيصلي وحتى الفتح المدافع عن اللقب الذي كان حتى الجولة التاسعة في المركز العاشر قبل أن يتقدّم للثامن أخيراً) بينما فرّط بنقاط أمام فرق مماثلة (التعادل مع العروبة والاتفاق) وبالطبع فإنه لا يمكن اعتبار التعادل مع الأهلي تفريطاً بالنقاط.