أظهرت الجولات الست الأولى في دوري عبد اللطيف جميل أنّ التنافس هذا الموسم ستكون دائرته متسعة لتشمل ستة أندية وربما ثمانية، وفي ذلك تكريس لكسر احتكار الهلال والاتحاد للقب الذي دام 10 سنوات والذي كانت فاتحته مع " الفتح" بطل الدوري لأول مرة في تاريخه وبعد ست سنوات من الاستقرار الفني بإشراف التونسي فتحي الجبال خلال تلك السنوات. وإذا تمعّنا في جدول ترتيب الفرق نجد أنّ نقطة واحدة تفصل، صعوداً أو نزولاً، بين صاحب المركز الأول النصر نزولاً إلى الهلال، نجران، الشباب، الأهلي، الاتحاد، الفتح، والتعاون، أصحاب المراكز الثمانية الأولى وبنقاط 14، 13، 12،11، 10 توالياً. النصر المتصدّر يتميّز، عدا نقاطه الـ 14، بأنه الأكثر فوزاً بأربعة (شاركه في ذلك الهلال ونجران) وبعدم خسارته (يشاركه في ذلك الأهلي)، وبأقوى دفاع بهدف واحد في مرماه، ولكن من الناحية الهجومية يأتي بعد الهلال (16ـ11)، ولا بد أن نركّز على نجاح النصر في خياراته بالنسبة للاعبين الأجانب (إيفرتون وإلتون وباستوس) وكذلك خياراته المحلية خصوصاً يحيى الشهري القادم من الاتفاق، وكذلك هي الحال بالنسبة لخياراته الكثيرة على دكة البدلاء. النصر في هذا الموسم يختلف عن المواسم السابقة وخاصة بالنسبة للبدايات، وقد مكّنه أداؤه التصاعدي من الصعود للقمة، ففي الجولتين الأولى والثانية تمسّك بالمركز الرابع ثمّ اعتلى إلى الوصافة في الجولة الثالثة، وبقي فيها حتى الجولة الخامسة التي تساوى فيها مع الهلال في الصدارة بعد فوزه على الشعلة ولكنه تأخر بفارق الأهداف، وارتقى إلى الصدارة في الجولة السادسة بالنقطة الـ 14 بعد التعادل السلبي مع العروبة، فيما تلقى الهلال خسارته الأولى أمام الرائد، تلك المباراة التي لم يتمكن فيها " الزعيم" من الفوز بالرغم من أنّه حصل على 17 ركلة ركنية وبالرغم من عودة مهاجمه ياسر القحطاني بعد غيبة طويلة. علماً أنّ النصر صعد للمركز الرابع في الموسم الماضي في الجولة الرابعة، ولم يحقق أفضل من المركز الثالث (في الجولة الثامنة) ولكنه حلّ رابعاً في 16 جولة بصورة متقطعة، ليكون هذا المركز ترتيبه النهائي على حساب الأهلي بعد تعادلهما في الجولة 25، فقطع بذلك بطاقة دوري أبطال آسيا. وعدم خسارة النصر حتى الآن هذا الموسم، هو استمرار لسلسلة مباريات بدون خسارة للشهر التاسع، وهو لم يخسر هذا الموسم على ملعبه (فاز بثلاث مباريات) إضافة إلى فوزه بمباراة خارج أرضه. لقد أثبت النصر، وخاصة في السنوات الأربع من رئاسة الأمير فيصل بن تركي، أنه نادٍ دؤوب لا يملّ ولا يكلّ ولا يتأثر بالمطبات، ولا ييأس من هذا الجفاء مع منصة التتويج، ففي الموسم الماضي وصل إلى الأمتار قبل الأخيرة من بطولتين، فخسر نهائي كأس ولي العهد أمام الهلال بركلات الترجيح، ووصل أيضاً إلى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين فخسر أمام الأهلي برباعية، علاوة على خروجه من دور الثمانية في كأس الاتحاد العربي أمام العربي الكويتي، ولعل إصابة مهاجمه الإكوادوري أيوفي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، خصوصاً أن أيوفي كان هداف الفريق بـ 8 أهداف إلى جانب محمد السهلاوي، وأنّ بديله اليوناني خريستاس لم يكن له أي تأثير. فيما تأثر النادي سلباً أيضاً بعدم نجاح المدرب الكولومبي ماتورانا الذي أقيل بعد 5 مباريات، وكُلِف الأوروجواياني دوترا بمباراة واحدة، قبل أن يتولى مواطنه كارينيو المهمة وقاد 18 مباراة وما زال حتى الآن. هذه التقلبات، وهذا الحرمان من المنصة، وهذه الأموال الطائلة التي يصرفها الرئيس.. وهذا التعلّق من الجمهور.. كل ذلك يوصلنا إلى تسمية النصر بالنادي "البرغماتي".. و"البرغماتية" هنا بمفومها الرسمي التي تتلخص بالموقف الذي " يصرف النظر عن الأشياء الأولى والمبادئ والمقولات والضرورات المفترضة ويتجه إلى الأشياء الأخيرة والآثار والنتائج والوقائع...". صحيح أنّ النتائج لا تصل إلى نهاياتها السعيدة مع النصر ولكن التصويب نحوها لا يوقفه شيء، ولسوف تحصل.