|


سعيد غبريس
( الذين استخفوا بحيدر وكرة لبنان )
2013-08-16

مثلي مثل أي لبناني، انزعجت من كلام ورد في بعض الصحف السعودية يقلل من قيمة لبنان رياضياً في معرض تقييم تعاقد نادي الاتحاد مع مهاجم منتخب لبنان والصفاء محمد حيدر، ووجدت من واجبي كصحافي وإعلامي لبناني على اطلاع دائم بالرياضة العربية، وخصوصاً السعودية، على مدى 40 عاماً من العمل الاحترافي في هذا الحقل، أن أوضح بعض الأمور التي من شأنها أن تجعل من تناولوا هذا الموضوع بخفة وتعالٍ يدركون أن "تقييمهم" لم يكن في محله، حتى لا استعمل تعبيراً قاسياً يتنافى مع منهجي في الكتابة ومع قناعاتي بتداول الأمور بهدوء وبالمنطق والحجة.. لذا أوضح في البداية أن محمد حيدر البالغ من العمر 23 عاماً، كان واحداً ممن صنعوا فوز نادي الصفاء بثلاثية نادرة في لبنان: الدوري وكأس النخبة وكأس السوبر للعام المنصرم، وهو تربع على عرش هدافي الدوري اللبناني برصيد 12 هدفاً في الموسم 2011-2012، فيما نافس على اللقب الموسم الماضي مسجلاً 9 أهداف، وهو سجل هدفين للصفاء في كأس الاتحاد الآسيوي أحدهما في مرمى فريق الكويت بطل المسابقة وسجل مع منتخب لبنان في تصفيات آسيا الحالية هدفاً في مرمى تايلاند.. وأهم من هذا كله، فان محمد حيدر كان واحداً من الأساسيين الذين أوصلوا المنتخب اللبناني إلى الدور الحاسم في تصفيات آسيا المؤهلة لمونديال 2014. ارجو من احبائي السعوديين، جماهيراً واعلاميين، المعذرة ان قلت للذين استخفوا كثيراً بمستوى الكرة اللبنانية من خلال "تقييم" محمد حيدر المنتقل إلى الاتحاد و "تقييم" البلد القادم منه.. ان محمد حيدر هو من البلد ومن المنتخب الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لكأس العالم برغم حالة "العدم" للاعبيه ومن ناحية الامكانات المالية، و"الشح في المال" الذي يتحكم بميزانية ومداخيل اتحاد الكرة.. هذا المنتخب الذي كان محمد حيدر ركناً أساسياً فيه أكمل حتى الامتار الأخيرة، بينما خرجت منتخبات أخرى من بلدان غنية جداً بعد الأمتار الأولى.. وأيضا ارجو من أحبائي في السعودية الذين يعرفون مواقفي تجاه الرياضة في السعودية، ان يتقبلوا مني المقارنة أو المعادلة التي تقول ان عددا لا بأس به من اللاعبين اللبنانيين احترفوا احترافاً حقيقياً ولسنوات في أوروبا وآسيا، واكتفي بذكر رضا عنتر ويوسف محمد وحسن معتوق وبلال نجارين ومحمد غدار... وغيرهم بالطبع.. فيما لم يكمل لاعب سعودي واحد من كبار اللاعبين في بلادهم وفي المنطقة، تجربة احترافية واحدة في أوروبا، وانتم أحبائي أدرى بأسمائهم.. وأود ان أقول لمن اعترضوا على انتقال محمد حيدر إلى الاتحاد بحجة انه لاعب مغمور قادم من دولة غير متقدمة في كرة القدم.. ان هذا الكلام قيل مثله حين تعاقد نادي القادسية في صيف 2005 مع المهاجم اللبناني محمد قصاص في الفترة التي ترك فيها ياسر القحطاني النادي "الشرقاوي" إلى الهلال.. وقد قدم موسماً ناجحاً جداً واستطاع بأهدافه إنقاذ موسم القادسية.. وليس سراً إن قلت أنني كنت وراء انتقال محمد قصاص إلى السعودية حين نصحت منصور البلوي بضمه إلى الاتحاد وراهنته على نجاحه، ولكن الهجوم في الاتحاد كان مكتملاً فأهداه إلى القادسية. وأنا الآن وفي حالة محمد حيدر، (التي ليس لي أي علاقة بانتقاله إلى الاتحاد، وفي الأساس لا عمل لي في هذا المجال، ولكنني كنت أيضاً وراء انتقال أحمد الصويلح إلى سالزبورغ النمساوي).. لست في وضع يسمح لي بالمراهنة على نجاحه مع الاتحاد، ولكني متأكد بأنه متى وجد التأقلم السريع مع الأجواء الجديدة فسيكون أفضل من بعض من تعاقد معهم الاتحاد في الآونة الأخيرة، وربما سيكون الكلام "التقييمي" الذي اُستقبل حيدر به خير حافز له لإثبات وجوده وعكس المستوى الجيد لكرة بلاده..