|


سعيد غبريس
الكرة اللبنانية وزنّار الفضائح
2013-06-07

سيذكر تاريخ الكرة اللبنانية أن منتخباً قوياً حقق إنجازاً بوصوله إلى المرحلة الحاسمة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال البرازيل 2014 وذلك للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته في تصفيات كأس العالم، وقد أصبح قاب قوسين أو أدنى من التأهل المباشر وأضعف الإيمان من فرصة نصف البطاقة بالمركز الثالث في مجموعته، ولكن الفساد السياسي والاقتصادي الذي حوّل هذا البلد من “سويسرا الشرق” إلى ركب الدول المتخلفة والمنقسمة على نفسها، ما لبث أن نخر في الجسم الرياضي فقتل حلماً كان يتحول إلى حقيقة مرحلة بعد مرحلة إلى أن قال الفساد كفى (لحد هون وبس) فلعب شياطينه في عقول بعض ضعفاء النفوس من لاعبين وإداريين، باعوا شرفهم وبلادهم من أجل المال وباعوا إنجازاً كان يتأكد مباراة بعد مباراة وفي أكثر المراحل دقة وحسماً وفي خضم النقلة النوعية التي حققها اللاعبون في المرحلة الثالثة التي نقلتهم إلى المرحلة الحاسمة، ولعل أبلغ تعبير عن هذه المرحلة جاء على لسان رئيس اتحاد الكرة اللبناني هاشم حيدر الذي قال إن الحلم كان سيصبح حقيقة “لولا خيانة بعض اللاعبين الذين تورطوا مع شركات المراهنات وتلاعبوا بنتائج بعض المباريات موجهين طعنات غادرة للمنتخب والوطن..”. وقد اتفق الرئيس مع المدير الفني الألماني بوكير أنه لولا تلك “الخيانة” لكان لبنان تأهل مباشرة برصيد 11 أو 12 نقطة. وبالفعل فقد حقق منتخب لبنان نتائج باهرة ومفاجئة، وظهر فريق لا يقهر على أرضه (خسر مباراة واحدة وفاز في 4 وتعادل في 3) حتى أنه حقق فوزاً خارج أرضه (على الكويت) وكانت انتصاراته على فرقٍ كبيرة وعريقة مثل كوريا الجنوبية وإيران والكويت والإمارات، وآخر إنجازاته على أرضه تقدمه على نظيره الكوري الجنوبي مدة 96 دقيقة ليسجل الضيوف هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع (د 97) وكان ذلك كافياً لخروجه من المعادلة حتى من فرصة المركز الثالث، لتبقى له مباراة أخيرة في طهران عله يكرّس من خلالها القوة التي صاحبت أداءه في هذه التصفيات التي تعد الأطول في تاريخ مشاركاته. ولا بد من الإشارة إلى أن اللاعبين الذين غدروا بمنتخب بلادهم هم من أعمدة الفريق وبينهم هدافه، وقد تأثر المنتخب بغيابهم بعد توقيفهم مدى الحياة، ثم جاء اعتزال “المايسترو” رضا عنتر في المراحل الأخيرة ليزيد من تفاقم حالة الفريق، ومع ذلك كان اللاعبون أنداداً أقوياء للكوريين الجنوبيين أصحاب المركز الرابع في المونديال. وكأنه لا يكفي منتخب لبنان، وهو في صلب معركة التأهل للمونديال، ما خلفته عملية التلاعب في النتائج من تصدع، فلاحقته فضائح أخرى تمثلت إحداها في قضية تلاعب في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي أبطالها ثلاثة حكام لبنانيين احتجزوا في سنغافورة تمهيداً لمحاكمتهم قضائياً هذا الشهر، ثم أطلت “مسخرة” كروية في الدوري أنتجت مباراة حصيلتها 17 هدفاً، بفوز فريق على آخر (11ـ6) وهما الفريقان الهابطان إلى الدرجة الثانية، أما الدافع لذلك فهو إيصال أحد لاعبي الفريقين إلى رأس قائمة الهدافين بتسهيل تسجيله خمسة أهداف. مسكينة كرة القدم اللبنانية التي تفوقت على ظروفها وعلى أوضاع البلد الاقتصادية وعلى الاهتزازات الأمنية المتنقلة وعلى الإمكانات المادية التي لا تكفي لتأمين غذاء اللاعبين، وعلى وضع الدولة الرياضة في آخر سلم الأولويات.. البعض يقول إن اكتشاف الغاز والبترول في بحر لبنان سينعش الرياضة اللبنانية.. صحيح، هذا إذا ترك السياسيون المتهالكون منذ الآن على تقاسم الحصص، للرياضيين بعضاً من الفضلات.