|


صالح الخليف
الوحيد الذي لا يحبها
2017-08-14

يعشق السعوديون الكبسة عشقاً جماً.. بالطبع لا تحتاج إلى تعريف ولا تحتاج إلى وصف.. وإذا وليت وجهك غرباً وشرقاً.. شمالاً وجنوباً فستجد لكل بيت طريقته في إعدادها وتجهيزها.. نادراً أو ربما يكون معدوماً أو ليس له وجود ذاك البيت الذي يضع الكبسة في الدرجة الثانية أو آخر قائمة الأطعمة المفضلة والمحببة لأفراد الأسرة.. في حفلات الأفراح والأعراس ومناسبات التخرج تأخذ السيدة الوقورة الكبسة مكانها الذي يليق بها.. حتى في سرادق العزاء لا غنى عنها.. وجودها لم يعد ضرورة اجتماعية أو مزاجية.. الشيء الوحيد الذي يفرض وجوده في الفرح والحزن هو الكبسة.. في رمضان قد تغيب عن مائدة الإفطار، لكنها حتماً وبالتأكيد ستتربع في صدر السفرة قبل أذان الفجر.. ينقلها السعوديون معهم إلى أصقاع الدنيا.. المبتعثون يتزودون بكافة مكوناتها قبل الإقلاع إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا.. والسياح الذين يقضون أياماً معدودات في القاهرة أو طرابزون أو حتى على جبال الألب صاروا يفعلون الشيء نفسه.. تتدفق من الإنترنت وقروبات الواتس آلاف المقاطع التي تنقل تجمع شباب سعوديين حول "قدر ضغط" تحيطهم الخضرة والماء والأجواء الحسنة.. حاولت الوصول إلى معلومة عدد المطاعم المتخصصة بالكبسة ومشتقاتها وكل أنواعها في شوارع الرياض لكنني فشلت.. المسألة تحتاج إلى جهد مضاعف حتى أعرف كم مطعم بخاري ومثلوثة تنتشر في أحياء العاصمة المترامية الأطراف.. في العشر سنوات الأخيرة بدأت مطاعم الكبسة تغزو شوارع القاهرة... هذا انعكاس طبيعي وخطوة تسويقية ذكية لنسبة السعوديين المتوافدين على العاصمة المصرية العريقة.. السعودي الذي يقطع تذكرة باتجاه الأراضي المصرية لن يجد صعوبة في إرضاء غرور أمعائه.. زمان كان مسار الحقائب والأمتعة في مطار القاهرة مكتظاً بأكياس الأرز المشحونة مع القادمين من الرياض.. كثير من الغربيين وقعوا في غرام الكبسة.. سفراء ووزراء ورجال أعمال ومسؤولون منهم تحدثوا عن مذاقها وفتنتها.. تغزلوا فيها طويلاً.. رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة المصري السابق عبد المنعم عمارة هو الذي غرد خارج السرب.. لم أسمع في حياتي أحد يتكلم عن الكبسة بتلك الطريقة السلبية إلا هو.. قال إن كل شيء أعجبه في الخليج إلا الكبسة، وأبدى استغرابه وتعجبه من نهم وحب الناس لها بتلك الطريقة الجماعية.. كثير من الشعودب لديها في مخزونها الثقافي والاجتماعي وجبتها الشعبية المتفق عليها على نطاق واسع.. هذا النوع لا يلقى رواجاً خارج حدود موطنها الأصلي.. الذي ينتشر بقوة عند الغرباء لا يكون الأول في بلاده.. الكبسة وحدها التي كسرت القاعدة، وكسرت المألوف، وكسرت الأمور المعتادة بين نظيراتها وأشباهها.. ماذا عساه يقول عبد المنعم عمارة لو سمع أن الكبسة هي الوحيدة التي لعبت بعيداً عن أرضها وأهلها وفازت وانتصرت.. وبالضربة القاضية.