تستوقفني الأسماء الغريبة كثيرًا.. كل اسم يثير انتباهي أبحث كالغرباء المتطفلين عن قصته وحكايته وسبب التسمية.. لا أؤمن كثيرًا بأن كلًّا له من اسمه نصيب.. أتمنى أن يكون هذا واقعًا والحياة رحلة قصيرة من الذكريات والأماني.. أتمنى أن يكون لي من اسمي وافر الحظ والنصيب.. أصلحني وأصلحكم الله..!!
أسأل عن أسباب تسمية المدن والشوارع والأحياء وأحيانًا الأشخاص.. الأسماء الغريبة تثير تطفلي كما قلت.. الأسواق هي الأخرى تحمل أسماء حركت جينات فضولي.. في جنوب جدة يتمركز سوق الصواريخ.. أظنه أكبر سوق شعبي في العالم كله.. يقولون إنه يحتوي على قرابة اثني عشر ألف محل.. هذا رقم مهول.. هذا ما يقال ولا يهم إن كنت أصدق هذه المعلومة أو أشك فيها.. ما يهمني هو الاسم الغريب.. كنت أظن وليس كل الظن إثمًا أن الاسم جاء اشتقاقًا من بيع المفرقعات والألعاب النارية.. فالصواريخ اسم يطلقه الباعة والأطفال على أحد أشهر "الطراطيع والشروخ" وهذا اسمها الشعبي المتداول.. الصواريخ الحقيقية التي تستخدم في الحروب والمعارك بين الدول والجماعات والميليشيات بالتأكيد ليس لها سوق تباع وتشترى فيه.. هذه لها قواعدها واستراتيجيات واتفاقيات أغلبها تغلفها المعاهدات السرية.. يقال إن الاسم أطلق نسبة إلى قاعدة صواريخ بحرية قديمة في جدة..
هناك أيضًا دوار احتله مجسم للصواريخ.. جدة مدينة المجسمات.. أحيانًا تشعر بأنها معرض كبير على ضفاف البحر الأحمر.. ليست عروس البحر فحسب.. هي أيضًا قاعة فاخرة تكتظ بفنون النحت ما لذ منها وطاب..
في الدمام هناك سوق الحب.. الروايات اختلفت عن سبب الاسم والمسمى.. سمعت عن سوق الحب كثيرًا... تسلل وسط الأغاني الشعبية القديمة.. حينما دخلته لأول مرة منتصف التسعينيات كنت أظن أن الورود الحمراء مزروعة على جنباته.. كنت واهمًا أعتقد أن الرومانسية ورائحة الحب والوله والشوق والغرام تفوح من جنباته.. الحقيقة الصادمة أنه شارع مثل غيره محاط بمحلات تبيع الأواني المنزلية والأدوات الكهربائية.. وينتشر على أرصفته العطارون والباعة المتجولون.. لا حب ولا ورود حمراء.. والغريب أكثر أن الأصدقاء من أهالي الدمام اختلفوا في سبب التسمية.. أحدهم قال لم يقصد بالحب الذي تعتقده.. وإنما المقصود بالاسم هو سوق الحب "بفتح الحاء" الاسم المعروف شرقاويًّا عن الفصفص..!!
على امتداد طريق الشمال هناك سوق الخبول.. والخبل في مصطلح الشماليين أي قليل العقل الذي لم يصل إلى حد الجنون.. وسوق الخبول يطلق على المحلات التي تبيع الأثاث والقطع المستعملة.. رغم معيشتي وحياتي في الشمال لا أعرف حتى هذه اللحظة لماذا يسمونه بسوق الخبول.. وهل المقصود بالخبل هو البائع أم المشتري أم الاثنان معًا.. والله لا أعرف.. وإذا عرفت لن أقتنع.. فالأشياء المستعملة تباع وتشترى في أمستردام ولندن والرباط والإسكندرية ونيويورك وعلى صفحات الإنترنت أيضًا ومنذ سنوات طويلة.. فلماذا استحوذ الشماليون على الاسم الذي ليس له من أصحابه نصيب؟!
سامح الله من أطلق الاسم.. وسامح الله من ساهم في انتشاره.. وعفا الله عمن صدق أن للخبول أسواقًا..!!