بينما بدأ الإيرانيون يتدفقون على مصر من كل فج عميق سياحاً وزواراً وتجاراً.. وجد رجال أعمال سعوديون أنفسهم متهمين ومطاردين ومحرومين من التصرف بحلالهم وأموالهم وما كسبته أيديهم، كون النائب العام المصري أصدر قراراً بضمهم للائحة الممنوعين من السفر بحجة مشاركتهم في قضية تلاعب شهدتها البورصة المصرية قبل أن تتدخل محكمة الجنايات وتلغي هذا الحكم؛ وأشارت جهات قانونية وعدد من المحامين المصريين أن السعوديين المتهمين في هذه القضية أقحموا في قضية لا ناقة لهم بها ولا جمل ولا تستند الدعوى ضدهم على أي مسوغات قانونية أو نظامية، فيما أشار خبراء واقتصاديون عبر عدة وسائل إعلامية أن هذه الخطوة ستعود بالضرر والكوارث على الاقتصاد المصري. فماذا يعني هذا.. انفتاح على إيران وبطريقة واضحة ومكشوفة ومفضوحة.. وتعامل مع الخليجيين بطريقة عدائية مسيئة ومخجلة. ربما يقول القائلون إن مصر دولة كبيرة ومهمة ولها حق تقرير مصير توجهاتها وعلاقتها وهذا كلام صحيح مائة بالمائة ولا جدال عليه.. لكن الإيمان بهذه الحقيقة وهذا حق لا يعطيهم الحق للعب بالورقة الإيرانية كفزاعة يلوح بها ضد الخليجيين بين الحين والآخر.. يضحكني كثيراً عندما يخرج مسؤول مصري ويتكلم بتلك اللغة المعلبة التي صاروا يرددونها في كل مكان وكل مناسبة.. يقول جميعهم أن علاقتهم مع إيران لا تعني أبداً المساس بأمن واستقرار الخليج الذي يعتبر بالنسبة لمصر خط أحمر.. ويا لهذا الخط الأحمر الغلبان.. إنه مثل مربع الذي هدد الفرزدق بقتله فقال جرير ساخراً متهكماً في البيت الهجائي الشهير: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً فأبشر بطول سلامة يا مربع نعم وبكل تأكيد من حق المصريين الارتماء في الحضن الإيراني دون النظر لعلاقات الآخرين مع إيران أو مع غيرها، فالأهم هو مصلحتهم وحاجتهم ورؤيتهم لخير بلادهم وشعبهم، لكن هذا لا يصح ولا يصلح أن يكون مجرد لوي ذراع أو تلميح من آخر النفق المظلم بأن على الآخرين وهؤلاء الآخرين هم الخليجيون أن يبادروا ويساعدوا ويقدموا كل ما بأيديهم، وإلا فإن إيران وملالي طهران وسياح الدولة الفارسية جاهزون وعلى أهبة الاستعداد بأن يملؤون كل الفنادق المطلة على النيل وضخ المليارات حتى يتعافى الاقتصاد المصري الذي يحذر الخبراء من أنه مقبل على أيام سوداء.. نحن لا نقول يجب أن تعود مصر كما كانت أيام حسني مبارك ولا تتعاطى مع إيران بأي شيء.. فذاك زمن ولى وانتهى وراح بكل خيره وشروره. ما نقوله إن أمن الخليج واستقراره ورفاهيته بيد أبنائه ورجاله فهم أدرى وأعلم به.. وأهل مكة أدرى بشعابها.. وبالتأكيد أحرص وأبخص.. ليت المصريين فقط ينشغلون بأنفسهم وأمنهم واستقرارهم ويتعاملون مع السائح الإيراني كما كانوا يتعاملون مع السائح الخليجي.. فلا تزر وازرة وزر أخرى.. وأيضاً لا يقحمون رجال الأعمال السعوديين بخطهم الأحمر.. بعد أن رفعوا في وجههم البطاقة الحمراء ظلماً وعدواناً.