|


صالح الخليف
أهم شيء لا يكذب
2013-03-19

الرياضيون والسياسيون يتشابهون في أشياء كثيرة.. أولها وأهمها وأوضحها وأبرزها وأكثرها تداولاً هي علاقتهم الانفصامية مع الإعلام، وأقصد بالانفصامية أنهم يتعاملون مع الإعلام بطريقتين ووجهين وشكلين.. ليسوا مثل أبوشهاب شكلين ما بيحكي. الرياضيون والسياسيون يطاردون الإعلام ويعشقونه ويحبونه ويغازلونه إذا كان معهم وفي وصفهم وبجانبهم.. أما إذا انتقدهم وقال شيئاً من الحقيقة انقلبوا عليه وبسرعة وعينك ما تشوف إلا النور. إدارة نادي الخليج أشارت قبل يومين إلى أن الإعلام لم يتعامل مع قضية تهديد أحد مشجعيها للحكم بالقتل بطريقة مناسبة، وقالت في بيان نشرته أغلب الصحف السعودية: نستغرب من تهويل وسائل الإعلام للحدث والتطرق له بصورة غير مطابقة للواقع وتطالب بعدم تضخيم الحدث وإعطائه أكثر من حجمه.. هذا ما قالته الإدارة.. صحيح أن الإعلام يضخم ويهول ويكبر.. صحيح أنه يخلق من الحبة قبة.. لكن الأكثر صحة أن الإعلام الرياضي مثلاً إذا فاز الفريق أحياناً في مباراة دورية عادية يصوره وكأنه الذي نظر الأعمى إلى أدبه.. في هذه الحالة لا يمكن أن يخرج رئيس النادي أو أحد منسوبيه ويقول إن فوزنا كان عادياً واعتيادياً وطبيعياً، لكن الإخوة الأعزاء في الإعلام بالغوا وكالوا لنا المدائح ونحن لا نستحق.. أنهم بالطبع لا ينظرون إلا للجزء الفارغ من الكأس وهذه مشكلتهم التي لن تحل أبداً. الرياضيون بصورة عامة ورغم تعاطيهم اليومي مع الإعلام إلا أنهم لم يفهموه ولم يفهمهم.. أو أنهم يجامل كلٌّ منهم الآخر.. والغريب أن الرياضيين يظنون أن الإعلام بحاجة إليهم لأنهم هم البضاعة المزجاة المتاحة، والإعلام يظن أن الرياضيين يحتاجون إليه لأنه يمسك أدوات التلميع والماكياج في يمينه ويمسك العصا في شماله. أعتقد أن الإعلام وفي كل مكان خاصة في زمن التسارع المعلوماتي والسباق المحموم والمتعب نحو التميز بخبر وصورة من حقه أن يضخم ويثير ويهول أيَّ حدث حتى يبقى ويستمر ولا يموت مثل الأشجار واقفاً. لقد كان الإعلام وبالذات العربي يفعل هذا منذ أن كانت الإذاعات العربية تشيع بين الناس أوهام النصر والانتصار على إسرائيل لدرجة أنهم حينما خسروا الحرب لم يسموها بأسمائها وإنما سوّقوا عبارات ومفردات مثل النكسة والانكسار.. فلماذا يعيبون هذا الإعلام الآن أن يلهث وراء خبر وبصيص من ضوء في آخر النفق..؟. أيها الرياضيون الأعزاء لا تلوموا الإعلام إلا إذا تجاوز حدوده وقال ما لم يحدث، أما إذا تعاطي وضخم وهوّل فاتركوه في حاله.. لا تقتلوه لمجرد أنه نقل خبر مشجع هدّد حكماً بالقتل.. ارحموه.. ارحموا الإعلام.. اللي فيه كافيه.