|


صالح الخليف
أصحاب اللسان الطويل
2013-03-15

إذا انتصرت الثورة السورية بإذن الله تعالى قريباً.. فعلى بعض العرب حينها أن يتواروا خجلاً وكسوفاً وخسوفاً.. يجب أن يصبحوا مثل تلك السحابة السوداء التي تعبر الأجواء في ليلة باردة.. يجب أن يصبحوا مثل الأعمى داخل متحف اللوفر الباريسي.. يجب أن يصبحوا مثل أصم وجد نفسه فجأة في حفلة للفنانة الخليجية الأولى الإماراتية الاستثنائية أحلام. قبل ثلاثة أسابيع تقريباً رأيت مشهداً يعوّر القلب ويؤذي العين ولا يسر الخاطر، لكنه ألعوبة السياسة على أية حال.. وزير الخارجية الروسي لافروف وعن يمينه أمين الجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو وعن شماله وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ووزير خارجية لبنان عدنان منصور.. هؤلاء الخمسة جميعهم وبلا استثناء وإن بدرجات مختلفة ومسافة متفاوتة دعموا وساندوا وأيدوا طاغية دمشق الذي يقتل الآن الأطفال والنساء.. يقتلهم ويبيدهم ويسومهم سوء العذاب.. كان يقتلهم في بداية الثورة بفتاوى روسية إيرانية.. اليوم يذبحهم بفتاوى بدر الدين حسون. لافروف المدافع الأبرز والمتحدث الرسمي والعقل المدبر في الساحة السياسية لنظام الأسد.. جاهد كثيراً لبيع الدماء السورية في السوق الدولية، لكنه فشل فقرر الصمود مع شبيحة بشار حتى النهاية.. نبيل العربي شخصية ضعيفة.. زار بشار مرتين ونسق معه كثيراً في محاولات يائسة لإنقاذه.. أرسل له سوداني يدعى الدابي.. اخترع له قصة المراقبين العرب.. بعث إليه خالد مشعل وسيطاً.. أعطاه الوقت الكافي لعله يجهز على الثورة.. وعندما عرف العربي وأيقن أن الرياح تسير بالاتجاه الصحيح.. استسلم وقال للعرب تفضلوا سلحوا الجيش الحر. زيباري ليس بيده قرار.. القرار العراقي مرهون في قبضة ملالي طهران.. المطلوب منهم دعم الأسد، أما كيف ولماذا وأين ومتى.. فالإجابة واحدة.. بكل الوسائل وكل الطرق ومن غير ليه. منصور كأنه من أصحاب الكهف.. كأنه يغط في سبات عميق.. كأنه يعيش في عالم آخر.. كأنه لا يرى ولا يسمع.. يتكلم فقط.. قبل أيام طالب بإعادة مقعد النظام الأسدي في الجامعة العربية.. تخيلوا.. أحرج لبنان بصوته النشاز فأسرع رئيس الجمهورية ميشيل سليمان للقول بأن كلام وزير الخارجية لا يتجاوز الآراء الشخصية.. للأسف لبنان هي الآخر لا تملك قرارها. محمد كامل عمرو.. قاتل كثيراً وتحدث كثيراً.. وناضل كثيراً واجتهد كثيراً وسافر كثيراً واجتمع كثيراً وظهر كثيراً في مؤتمرات صحفية وحوارات إعلامية.. كثيراً كثيراً كثيراً لا يقول إلا شيء واحد.. هو نحن ضد تسليح المعارضة ونحن ضد التدخل الخارجي ونحن مع الحل السياسي والسلمي، لكن ما هو الحل السياسي والسلمي بين قاتل مجرم وضحية بريئة براءة الذئب من دم يوسف؟. إن الثورة السورية المدعومة من قوى السلام والإسلام والعقل والمنطق والعروبة والحق والحقيقة بقيادة الدولة العربية الأعظم المملكة العربية السعودية وشقيقاتها دول الخليج، هي أكثر ثورة في التاريخ الحديث تستحق اسم ثورة.. لأنها بالفعل ضد طغيان يرى بالعين المجردة وليس بالكلام والخطابات والهرطقة. لقد كان السوريون العزل لا يريدون من بعض العرب جزاءً ولا شكوراً.. كانوا يتمنون من بعضهم أن يلتزموا الصمت.. لكن السوريين ربّما غاب عن بالهم أن العرب في تاريخهم لسانٌ طويل لابد أن يتكلم وإلا أصيب بالشلل والأنيميا وفقر الدم.. العرب أيّها السوريون العزل مصابون الآن بحالة زكام وانفصام بالشخصية وبحاجة إلى طبيب عام يكتب لهم روشتة ثم يصرفون هذا العلاج بالمجان.. العرب يحتاجون إلى جمعية خيرية لا أكثر ولا أقل.. يحتاجون إلى محطة تلفزيونية تبث كل برامجها على الهواء مباشرة.. وأنتم تحتاجون إلى الحياة. الثورة السورية منتصرة لا جدال ولا خلاف ولا محالة.. الخطوات تتسارع والشمس تستعد لتشرق من بعيد.. عندما تشرق الشمس ناموا أيّها الجالسون مع لافروف.. ناموا نومة هانئة مطمئنة.. وعندما تصحون من سباتكم.. ابتسموا واحتفلوا وقولوا للناس: نحن كنا مع الثورة السورية.. نحن سبب نجاحها وسقوط الأسد.. قولوا ما تشاؤون ولا تخجلوا.. فالخجل في زمنكم ليس عاراً.. الخجل في زمنكم أخذ إجازة مفتوحة.. حينها سيقول وزير الخارجية اللبناني أعيدوا سوريا إلى جامعة الدول العربية.. حينها لن يحرج لبنان.. ولن يحرج لافروف ولا زيباري وكامل عمرو ونبيل العربي.. سيحرج الخجل.. وسيحرج التاريخ.. والجغرافيا.