|


صالح الخليف
حرامية في معرض الكتاب
2013-03-10

يرتكبون جريمة.. جريمة كاملة الأركان.. وكاملة الأوصاف.. ومع ذلك يكسبون ويبتسمون ويشتهرون ويسترزقون وينظرون.. ما لكم كيف تحكمون. قبل عام تقريباً أغلق مطعم شهير في شارع التحلية بالرياض بسبب ما وصف حينها بأنه مخالفة نظامية.. وبعد عشرة أيام تقريباً عاد يمارس نشاطه ويقدم للناس ما لذّ وطاب من أكل مغشوش ولحوم مضروبة وأصناف بايتة.. وأبو طبيع ما يجوز عن طبعه، كما يقول الكويتيون.. في مدينة الجبيل الصناعية مثلاً تتم مراقبة المطاعم بشكل يومي وبأجهزة متطورة من أجل الحفاظ على صحة وسلامة البشر.. وإذا ارتكب المطعم مخالفة حتى لو كانت صغيرة فإنه سيدخل في دوخة طويلة عريضة تمتد لأشهر كثيرة قبل أن يعود مجدداً لتشريع أبوابه أمام الزبائن وربما لا يستطيع العودة مرة أخرى.. يعني يتم شطبه مدى الحياة كما فعلت فيفا مع ابن همام.. المطعم الذي لا يحترم الإنسان في الجبيل ينال أشد العقوبات وأقساها وبئس المصير.. هذا للأسف في الجبيل الصناعية فقط. يقدم أي مطعم وجبه مسمومة ربما يذهب ضحيتها طفل أو كهل ومع ذلك يعاقب بالإيقاف عشرة أيام قبل أن يستأنف نشاطه المخزي وكأنه لاعب مطرود بالبطاقة الحمراء.. في معرض الكتاب بالرياض هناك صورة أخرى.. صحيح أنها لا تشبه صورة المطعم مية بالمية لكنها على أقل تقدير تعتبر من بلدياتها أو ابنة خالتها أو عمتها.. هناك من يسرق أفكاراً وأدباً وكتباً بكامل عدتها وعتادها، وينال كل الحب والتقدير والإجلال والاحترام. صدقت يا عبدالرحمن بن مساعد وأنت تقول: "احترامي للحرامي صاحب المجد العصامي.. ما يقرب للحرام إلا في جنح الظلام". شخصياً لا أعرف كيف أصنف من يسرق كتاباً.. لكنني أعلم بأن من يثبت عليه هذا النوع من السرقة يفترض على أقل تقدير منعه من النشر وحرمانه من التأليف.. لأنه باختصار ووضوح ليس ناشراً وليس مؤلفاً.. هو سرق من قبل.. وتلطخت -كما يقولون- يداه بالسرقة وتجاوز النظام.. سرق ليس في جنح الظلام.. سرق والسلام. أعتقد أن المطعم الذي يقدم للناس طعاماً مغشوشاً مصنوعاً من أدوات ومكونات منتهية الصلاحية لا يمكن أن يعود مرة أخرى إلى بيع المأكل والمشرب على الناس.. ومن يسرق كتاباً أو فكراً لا يجب أن يعود مرة أخرى ليقف بين المؤلفين والمثقفين. هل هناك رابط بين المطعم الذي يبيع هذا النوع والأكل وبين كاتب يسرق من هنا وهناك.. ربما يكون الرابط الوحيد واليتيم فقط أنهم يسرحون ويمرحون ويرتعون، وفي كل واد يخوضون.. ويلعبون. مرة أخرى أستعين بشعر عبدالرحمن بن مساعد: (اسرق رغيف تصير المجرم السارق.. اسرق ملايين.. تصير الماجد الحاذق). لا أدري إلى من أوجه هذا الكلام لكنني أريد أن أقول في آخر المشوار.. إذا لم تستطيعوا أن تحموا بطوننا كما تفعل الجبيل الصناعية.. أرجوكم الحماية لعقولنا.. احموا عقولنا قبل كل شيء، فالعقل السليم في الجسم السليم.