أعشق السفر إلى درجة الغرام والهيام.. وأحبه حباً جماً.. وسأظل على هذه الحالة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. ومحمود عباس العقاد يقول: "من يحب.. يحب إلى الأبد"، والإمام الشافعي يقول: سافر ففي الأسفار خمس فوائد، وأنا لو لم أجد في السفر إلا فائدة واحدة لكفتني.. لأنني متواضع وقنوع وأرضى بالكفاف.. فالسفر فيه متعة النظر.. إنني من أنصار ومؤيدي السياحة النظرية إذا كان هناك بالفعل شيء يمكن تصنيفه تحت هذا المسمى؛ ولو قدر لي وملكت المال والثروة، فإنني لن أترك دولة على خارطة العالم إلا ووطئتها قدماي.. بشرط أن تكون آمنة مطمئنة.. يعني مستحيل أروح إلى مصر ووزير دفاعها الفريق عبدالفتاح السيسي يقول: إن الأمن القومي في خطر.. ومستحيل أروح إلى لبنان ووزير داخليتها مروان شربل يقول الوضع الأمني صعب.. أحتاج أن أنام كل ليلة في غرفتي داخل الفندق ملء جفوني عن شواردها. ذهبت إلى جنيف وفيينا وباريس وميلانو وبيروت والقاهرة ودمشق ودبي.. وكل مدينة لها أجواؤها وطقوسها وتاريخها ومعالمها.. لكن شارعاً واحداً وسط إسطنبول التركية هو ما استوقفني وتركني أتمنى أن أنقل تجربته واستنسخه بكل تفاصيله إلى الرياض.. ولا أدري ما هي الجهة التي يمكن أن أتحدث معها وأوجه لها كلامي.. هل هي أمانة الرياض مثلاً؟.. وما أتمناه أكثر أن تصل رسالتي ويصل اقتراحي ويكتب التاريخ ولو بعد حين براءة اختراع باسمي.. هذا كل ما أتمناه وبعض ما يتمنى المرء يدركه. الشارع الإسطنبولي الشهير الاستقلال يمكن استنساخه في شارع التحلية بالرياض وبسهولة.. نحتاج فقط لقرار جريء يتصدى للمشروع الكبير وما يميز الاستقلال في المقام الأول عدم مرور السيارات رغم المسافة الشاسعة التي تصل إلى أكثر من 20 متراً عرضاً بينما تمتد مساحته طولاً لأكثر من ثلاثة كيلو مترات، ولو تم منع مرور السيارات في التحلية من شارع العليا وحتى شارع الضباب لكتبنا بذلك السطر الأول من نقل التجربة التركية، والمجال متاح للاستفادة من الرصيف الواقع في المنتصف بالمقاهي والمطاعم ومحلات إضافية يعود ريعها وإيجاراتها إلى صيانة وتطوير الشارع نفسه.. هذا إذا كنا نتكلم عن منظومة عملية يمكن أن تستند على الدخل الذاتي بعيداً عن العودة إلى النظام الإداري والمؤسساتي. صحيح أن الأجواء الحارة في أغلب أوقات السنة بالرياض تهدد بفشل الفكرة ونسفها من الأساس لكن ذلك لا يعني إلغاؤها أو تجاهلها، فمسألة التبريد الجزئي يمكن وبسهولة أيضاً تطبيقها على أرض الواقع وهناك تجارب حية وناجحة في هذا المجال.. إنني أحلم بأن يتحول شارع التحلية بالرياض، وفي القريب العاجل إلى شارع استقلال.. سأظل أحلم وإذا فعلاً فعلوها فسأمشي وسط الشارع حتى لو بلغت درجة الحرارة 50 درجة مئوية.. سأمشي وأتمخطر.. وبكل ثقة أغني.. هذا وطني.. هذا من صنع يدي.