|


صالح الخليف
سهرة ضحك مساء الجمعة
2012-12-29

طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.. هذا عند الناس الاعتياديين والتقليديين والمتشابهين.. أما الذين لايعدون السلم يصعدون خطوة ولايتركون الطبخ ينضج على نار هادئة، ولايعترفون بفلسفة الطابور حتى لو كان نظاميا، ولا يؤمنون بالانتظار على الصف حتى يحين وقت الفرصة المناسبة.. هذا النوع من البشر يعجبني ويبهرني ويذهلني.. له مني كل الحب والاحترام والتقدير.. ليس هناك أحد أكثر من باسم يوسف الهابط على اهتمام الناس بسرعة هبوط النمساوي فيليكس من الفضاء إلى الأرض.. مذيع بدأ على اليوتيوب تزامنا مع أحداث الثورة المصرية وحقق نسبة مشاهدة تفوق الخمسة عشر مليون متابع قبل أن يقتحم الشاشة التلفزيونية عبر برنامجه الأسبوعي المعنون باسم (البرنامج).. لم يكمل يوسف عشر حلقات حتى أثار ضده حزباً عريضاً من المعارضين.. أيضاً حزباً واسعاً وكبيراً من المؤيدين.. وهذا قدرك يا مصر الآن.. أصبحت الحياة السياسية والإعلامية والحزبية والقضائية والقانونية والشعبية فيك لا تقوم إلا على فسطاطين.. كأن أزهار ربيعك يا أم الدنيا حكم عليها أن تنمو وتتفتح في حدائقك بلونين لا ثالث لهما.. أعانك الله يا مصر. يوسف لا يكتفي يزرع الابتسامات.. فإذا جلست تتابعه مساء الجمعة ومن كل أسبوع على قناة سي بي سي، كن على قناعة تامة واستعداد كبير أنك ستطلق ضحكات مجلجلة تزعج بها الغرف المجاورة. لقد دخل الإعلام العربي مع باسم يوسف مرحلة جديدة من المتعة الاحترافية الضاحكة التي تخلط الجد بالهزل.. لدرجة أن الكاتب الإسرائيلي تسفاي برئيل أطلق عليه لقب "ملك الهزل الساخر للربيع المصري" وذهب الكاتب الإسرائيلي بعيداً مشدداً أن يوسف يتفوق بأسلوبه وطريقته حتى على نظيره المذيع الأمريكي جون ستيوارت الذي يقدم البرنامج الشهير (ذا دايلي شو)، مؤكداً أن عرض يوسف لمقاطع فيديو لأحداث واقعية وحقيقية جعله يكسب الجولة أمام المقدم الأمريكي المعروف وللنجاح ثمن وضريبة.. نجاحه هذا جعله مادة دسمة وحاضرة في كافة القنوات الفضائية المصرية.. طبعاً أغلبها هجمات مرتدة.. محاولات لإحباط وقتل هذه الموهبة في مهدها.. إنهم لا يجيدون إلا هذه اللغة .. هذا تاريخهم.. ألم يقل (كبيرهم) إنهم إذا خسروا انتخابات الرئاسة فسيقومون بثورة ثانية لكنها ليست سلمية هذه المرة؟ وقبل يومين فقط ظهر اسم باسم يوسف ضمن تلك القائمة العالمية الأكثر تداولاً على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وهي المرة الأولى التي ينجح فيها برنامج تلفزيوني عربي بالوصول إلى هذا المستوى من المتابعين والمهتمين.. اضحك للدنيا تضحك لك.. هل تذكرون كلاماً قديماً قاله الممثل العظيم شارلي شابلن.. يقول: "لتمثيل الكوميديا أحتاج إلى حديقة ورجل شرطة وفتاة جميلة".. أما باسم يوسف فلا يحتاج للحديقة لأنه كما قلنا سيتخصص شخصياً بزراعة ضحكات لا تتوقف.. ولا يحتاج لفتاة جميلة لأنه حينما شبهه أحدهم بالفنانة ليلى علوي وأن عليه ارتداء الحجاب، رد عليه باسم يوسف بقوله: "إنني طول عمري فاكر إني أشبه عائشة الكيلاني". أما الشرطة فربما ستحتاج لفتح التحقيق مع باسم يوسف.. أليس هذا زمن الديمقراطية؟.. فالضحك يكون أحياناً جريمة.