|


صالح الخليف
أنا سعودي وأنتلا تمثلني
2012-12-27

يختلط عليه الأمر ويتشابه.. وبينهما أمور متشابهات.. يخرج كأنه متحدث رسمي منحناه تفويضاً عاماً للكلام على ألسنتنا.. يغرد كأنه بلبل صداح فيغني على ليلاه.. وعلى حسابنا. يعتذر بالنيابة عنكم أيها الغيورون.. يعتذر لهم.. وعذره أقبح من ذنبه.. إيران تعبث بالمنطقة خاصة وهي تتابع انهيار حليفها طبيب العيون المجرم في دمشق.. الخائفون مثلها ليس أمامهم سوى الهروب إلى الأمام.. خلال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري في المنامة قال الأمير سعود الفيصل إن طهران تثير الفتن.. قادة دول الخليج وجهوا انتقاداً واضحاً للإيرانيين.. بين ظهرانينا من تختلط عليه الأوراق.. ربما لا يكون التجاهل وغض الطرف عنهم حلاً نافعاً.. هناك تحالفات تتشكل من وراء البحار.. الاتحاد الخليجي جاء في الوقت المناسب والظرف المناسب وبقي أن يصبح واقعاً وبسرعة.. ونحن صغار نسمع أن في الاتحاد قوة.. كنا نظنها مجرد شعارات تستعمل لأفلام الكرتون.. الآن عرفنا أنها تعني مصير شعوب وأمم.. قبل ستة أشهر تقريباً طرحت في جريدة (الحياة) فكرة أن يخرج الخليجيون بصورة نهائية من جامعة الدول العربية.. تكوين الجامعة معقد وليس فيه أي نقطة التقاء يمكن البناء عليه مصيرا مشتركاً.. حتى اللغة العربية التي ربما تكون الرهان الأخير في هذه الجامعة وكانت المنطلق الأساسي في البدايات لتأسيسها تظهر أحياناً كزائر أجنبي ثقيل الدم والطينة.. وإذا حل الثقيل بدار قوم .. فما للساكنين سوى الرحيل.. حينما يلتقي العرب ويتكلمون بلغة ولهجات دولهم يحتاجون إلى مترجم.. الكلام عن الالتقاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي المعدوم في الجامعة العربية يحتاج إلى تفصيل موسع.. الحركة الرياضية في الجامعة العربية تتحول دائماً إلى مسرحية هزلية حزينة.. اتهامات وصراعات وشتائم ومضاربات.. أتحداكم تتذكرون بطولة عربية واحدة لم يدخل فيها الأمن أرض الملعب.. سيظل خروج الخليجيين بصورة رسمية من الجامعة العربية حلماً بالنسبة لي.. في هذا الزمان تتحقق الأحلام بسرعة وليس كما يقول الألمان: "جميعنا تتحقق أحلامه ولكن بعد فوات الأوان".. الخطر الماثل على دول الخليج واضح الآن وضوح الشمس.. العدو يطل علينا من الشطر المقابل للساحل الشرقي.. كنت أضحك كثيراً عندما أقرأ وأسمع المصريين ينقلون خطهم الأحمر في كل عاصمة خليجية.. كلما سئلوا عن علاقتهم الوليدة مع إيران قالوا إن أمن الخليج خط أحمر.. مصر تعيش حالة فوضى ووضعاً أمنياً مرتبكاً واقتصادا يترنح.. فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون.. أكثر من فرح بسقوط حسني مبارك حماس وحزب الله والإيرانيون.. بعد تنحيه مباشرة زار وفد مصري عريض طهران والتقى بالولي الفقيه.. لو استعرضتم القائمة المصرية التي ذهبت هناك لاكتشفتم بسرعة العاصفة التي هبت على مصر بعد أن ظلت ثمانين عاماً تراوح مكانها.. كتب أحد الناشطين على تويتر منتقداً تعاطي قناة (العربية) مع الانقلاب الدستوري يقول: "أعتذر لإخواننا المصريين جميعاً باسمي وباسم كل غيور من السعودية عن ممارسات قناة (العربية) تجاههم فإنها لا تمثلنا إنها تمثل صوتها النشاز ومن يصفق لها فقط". هذا الناشط يعلق علم الثورة السورية على صورته.. ويتابعه أكثر من خمسين ألفاً.. لا أدري ماذا يقصد بالسعوديين الغيورين.. غيورين على ماذا.. أيضا لا أدري هل تنطبق علي أنا مثلاً مواصفات وشروط الغيرة حتى أقول إنه لا يمثلني ولا أرضى أن يتصدر المشهد ويقدم اعتذاراً نيابة عني.. ثم ماذا يقصد بإخواننا المصريين.. هل يقصد مثلا جماعة الرئيس؟ لا أظن.. وإلا كيف يعلق علم الثورة السورية ويصب كل اهتماماته على ما يفعله طاغية دمشق بأطفال ونساء وشيوخ درعا وداريا وحمص وإدلب وحلب.. وفي نفس الوقت يغض الطرف عمن يبني جسراً حيوياً بين القاهرة وطهران.. يغض الطرف عمن أراد إنقاذ سمعة الإيرانيين بمبادرته وإقحامهم في حل الأزمة.. وقال بكل وضوح: إنهم جزء من الحل وليسوا جزءاً من المشكلة.. بينما السوريون يعرفون ويقولون إن إيران تساعد الأسد بالمال والسلاح والعتاد بقتلهم وإبادتهم.. يغض الطرف عن طائرة الخطوط المصرية التي عادت أدراجها حينما فشلت في الهبوط على مدرج مطار دمشق الدولي بعد أن وصلته نيران الحق.. كانت هذه الخطوط أكثر شركات الطيران فاعلية واستفادة وإفادة لنظام الأسد قبل أن تضطر لتعليق رحلاتها إلى دمشق وحلب.. أمن يجيب المضطر إذا دعاه؟.. يغض الطرف عن السفير المصري الذي لا يزال يمارس عمله المعتاد في دمشق بجانب زملائه في الدبلوماسية سفراء روسيا وإيران والعراق وفنزويلا.. ربما بقي السفير المصري هناك ليشرف بنفسه على تصويت المصريين في سوريا على الدستور.. على فكرة إيران رحبت كثيراً بإنجاز الدستور المصري.. أيها المغرد.. أيها البلبل الصداح.. تشرشل يقول: "مهارتك في السياسة قدرتك على التنبؤ بما سيحدث غداً".. لا نريد منك قراءة ما يحدث غداً.. أبداً.. فقط انظر للواقع والحدث اليوم.. وستعرف أنني سعودي غيور.. وأنت لا تمثلني.