|


صالح الخليف
فلسفة ابن الطباخة
2012-12-24

يتحدث البرتغالي كريستيانو رونالدو كثيراً عن نفسه.. وما ينلام.. فهو يملك أشياء كثيرة تستحق أن تقال على مسامع الناس.. ولست أدافع عن نرجسيته أو غروره.. لكنني فقط أؤيد مع سبق الإصرار والترصد أن يكون من مثله مغروراً ومتعجرفاً ومتكبراً.. أعرف أنه لن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولاً.. وأعرف أيضاً أنه رونالدو.. ولد هذا اللاعب الأسطوري وسط عائلة بسيطة.. والدته طباخة وأبوه متخصص في تنسيق الأشجار والمزارع والبساتين.. ولد في منتصف الثمانينات وكان والده مغرماً بفكر الرئيس الأمريكي الجمهوري رونالد ريجان صاحب الرقم الأربعين في قيادة أهم دول العالم.. وعندما رزق دينيس أفيرو بمولود أطلق عليه اسم (رونالدو) تيمناً بالرئيس الأمريكي.. لقد حمل كريستيانو رونالدو اسم قائد استثنائي في تاريخ أمريكا.. في عشر سنوات فقط فعل رونالدو في عالم كرة القدم المستحيل.. اختصر الزمن وبسرعة قفز إلى هرم الكرة وأصبح أفضل وأغلى نجومها على الإطلاق.. من هنا تبدأ حكايته خارج الملعب.. قبل شهرين تقريباً صرخت الجماهير في وجهه بعد المباراة وعندما حاصره رجال الصحافة وسألوه لماذا شتموك؟ قال هذا الواثق المغرور: "إنهم يغارون مني بالتأكيد لأنني وسيم وغني ولاعب كرة قدم عظيم.. هذا هو التفسير الوحيد". وقبل يومين رفض رونالدو أي اتهامات شخصية وسلوكية يمكن إلصاقها به من غير وجه حق، وقال: "دائماً آخذ الأمور على محمل الجد داخل الملعب ولا أحبذ المزاح والضحك وربما هذا ما يجعل الباقين يظنون أنني متكبر ومتعجرف". وأضاف: "لا يمكن الحكم على شخص ـ ما نراه أو نسمعه.. وإنما حين نتحدث إليه ونعرفه جيداً ولكن هذا شيء طبيعي.. هذه هي الحياة.. الجميع لديه عادة الانتقاد وكي ينتقدني الناس أنتقد أنا أيضا بعض الأشخاص بنفس الطريقة الظالمة.. وأنا شخص صادق، وعدو للنفاق، وأكره الحقد".. وبعد هذا الكلام يستحق رونالدو أن يمشي كالطاووس ويغني: "عندي المزيد من الغرور فلا تزيدني غروراً". لقد كشف رونالدو عن وجه آخر من شخصيته يكمن في اعترافه ومصداقيته مع ذاته إلى جانب نجومية كروية فذة وبلا حدود عندما اعترف أنه يمارس عملاً إنسانياً اعتيادياً بقوله إنه ينتقد بعض الأشخاص وبنفس الطريقة الظالمة.. لم يلعب رونالدو دور الضحية والبطل المغدور، وكلامه هذا ليس له إلا تفسير واحد يتلخص فيما قاله الفيلسوف الألماني الكبير آرثر شو بنهار: "المهارة تصيب هدفاً لا يمكن لأحد أن يصيبه، أما العبقرية فتصيب هدفاً لا يمكن لأحد أن يراه". وكم من هدف وهدف أصابه هذا الفتى الثري الوسيم، وشاهده ملايين الجماهير حول العالم عبر الشاشة.. وهذا هدف جديد يصيبه ابن الطباخة.. هدف اكتشفه فيلسوف التشاؤم شو بنهاور الذي كان يرى في الانتحار شيئاً جيدا.. وسجله رونالدو بكلام لا يقوله إلا فلاسفة اعتادوا إصابة الهدف داخل الملعب وخارجه.