|


صالح الخليف
لاتروحوا مع المجانين والفسقانين
2012-12-17

المال عديل الروح.. والمال توأم البنين في زينة الحياة الدنيا.. والمال لذيذ وحلو المذاق.. وعلي ابن أبي طالب يقول: المال يستر رذيلة الأغنياء.. وأنا أؤمن كثيراً وأبصم بالعشرة على ما قاله ويليام موغام: (المال كالحاسة السادسة من دونها لايمكنك الاستفادة من الحواس الخمس الأخرى). أما أولئك المؤيدون والمناصرون لقول الحطيئة" ولاتحسبن السعادة جمع مال.." .. فهم أهل شعارات غبية وكاذبة وفارغة وجوفاء.. ولا أساس لها على أرض الواقع، وإذا أردت أن تعرف ماذا يعني المال فانظر إلى كرة القدم.. وكيف ينظر إليها الناس هنا أمس واليوم وغداً. قبل عشرين عاماً تقريباً كانت الكورة والأندية تمثل في ذهنية الأسرة السعودية لهواً ولعباً وعبثاً ومتاعاً إلى حين، فإذا تعلق قلب أحد أبنائها بالكورة واتجه لارتداء قميص النادي الذي يحبه حباً جما فإنه حتما سيكون أقل أشقائه وأقربائه حظاً ونصيباً ومكانة اجتماعية، بحجة أن الكورة والعلم شيئان متناقضان وبينهما برزخ لايلتقيان.. والعلم يرفع بيوتاً لاعماد لها وبالتأكيد لابد أن تهدم الكورة بيت العز والشرف. واليوم أنا عندي خبر وعلم أكيد.. حبيبتي في قلبها حب جديد.. هذا الحب الجديد والخبر الأكيد يشير بوضوح إلى أن الآباء الأجلاء باتوا يحلمون ويمنون النفس بأن يكون أحد أولادهم وفلذات أكبادهم طبيباً أو مهندساً أو لاعب كرة تتسابق عليه الأندية وتغريه بالملايين ووين الملايين.. الشعب العربي وين. كرة القدم صارت مصدراً سريعاً للشهرة والثراء والنجومية بعد أن كانت جلداً منفوخاً يتسلى بها من لاشغل ولامشغلة لديه. قبل أيام صدر تقرير إعلامي يرصد أعلى عشرة رياضيين دخلاً في العالم، وباستثناء الانجليزي بيكام والبرتغالي رونالدو اللذين حلا في المرتبتين الثامنة والتاسعة خلت القائمة تماما من لاعبي كرة القدم، فيما كانت الصدارة من نصيب الملاكم الأمريكي فلويد مايويذر الذي بلغ دخله السنوي خمسة وثمانين مليون دولار، وجاء بعده مباشرة الملاكم الفلبيني ماني باكيا بجمعه اثنين وستين مليون دولار، وثالثهما لاعب الجولف الأمريكي الأسمر تايجر وودز بتسعة وخمسين مليون دولار.. وأتمنى أن لايرضخ الآباء السعوديون لهذه النتيجة وهذه القائمة ويدفعون أبناءهم إلى تعلم الملاكمة أو التنس أو الجولف أوالسلة، فأنا أعتبر أي لعبة غير كرة القدم في عالم الرياضة ناقصة عقل... ومضيعة للوقت والمال، ولو كان الأمر بيدي لخصصت الأندية لهذه اللعبة فقط، فكيف تتسلى مثلاً باثنين يتبادلان اللكمات والصفعات والضربات، وقد يفقد أحدهما حياته أو يصبح مجنوناً أو نصف مجنون عندما يصاب بارتجاج في المخ، وما أكثر الملاكمين الذي يقضون حياتهم بعد الاعتزال في المستشفيات والمصحات النفسية أسرى للوهن وللمرض والتعب، ويكفيكم محمد علي كلاي أنموذجا ومثالا. أما الجولف فهي لعبة ناعمة وراقية كما يبدومن مساحات العشب الواسعة وملابس اللاعبين الفاخرة، وتشعر أنها مخصصة فقط للطبقة البرجوازية والمخملية لكنها لاتمت للمتعة بأي صلة.. وأي متعة بلاعب يرسل الكرة بواسطة مضرب في الهواء الطلق لتسقط بجانب حفرة.. ولحسن الحظ أن العالم العربي لايوجد فيه سوى ثلاثة ملاعب جولف معتمدة اثنان في العراق والثالث في سوريا. المال كما قلت لكم لذيذ وهو وحده من غير قناعاتكم ونظرتكم لكرة القدم.. والحذر الحذر أن تغيركم تلك القائمة.. وتذكروا هذه الحكمة: "من قال إن المال لايمكنه شراء السعادة فهو ببساطة لم يعرف أين عليه أن يتسوق" ولهذا تسوقوا في محلات كرة القدم لأنها متاحة ورخيصة.. وبين الأيادي، واتركوا الملاكمة والجولف لأصحابها.. وأصحابها مجانين أو فسقانين.