|


صالح الخليف
هذه حجتيوهذا دليلي
2012-12-15

عضلاتهم مفتولة .. أجسامهم كأنها خشب مسندة .. وشواربهم توقف عليها جميع أنواع الطيور المهاجرة.. ولا تأخذهم بخصومهم ومنافسيهم رأفة أو شفقة ولا رحمة. للأمانة والتاريخ لم يكونوا مجرد لاعبي كرة قدم.. كانوا فرقة كوماندوز تابعة لحلف شمال الأطلسي، أو هكذا كانوا يبدون لي وللكثير من معي. لايسجلون أهدافا عادية أو تقليدية أو معتادة.. أغلب أهدافهم تسديدات وقذائف من مسافات بعيدة تخترق الحواجز وتمزق الشباك، وكأن كل لاعب منهم مركب على قدمه قاذفة صواريخ سكود. إنه جيل جاسم يعقوب وفتحي كميل وفيصل الدخيل ومحبوب جمعة.. جيل لايتكرر.. وضع الكويت زعيمة للكرة الخليجية والآسيويه سنوات طويلة. الكويت من الناحية الإنتاجية الإبداعية الإنسانية ليس لها مثيل.. شخصياً أعتبرها واحدة من أهم دول العالم في هذا المجال.. دولياً تحتل المرتبة الثانية والثلاثين بعد المائة بحسب تعداد السكان، والمرتبة السادسة والخمسين بعد المائة بحسب المساحة.. مما يعني نظرياً أنها من الدول الصغيرة مساحة وسكاناً.. والعبرة ليست بالسكان وكثرتهم.. صحيح أن الكثرة تغلب الشجاعة لكن ما فائدة هذه الكثرة بلا عطاء أو إنتاج.. يمكن تكون كثرة مضرة بالصحة بالضبط زي إدمان التدخين أو على الأقل تكون كما قال عنها دعبل الخزاعي: إني لأفتح عيني حين أفتحها.. على كثير ولكن لا أرى أحداً. والمساحة أيضاً لم ولن تكون ملهمة للإبداع.. إلا إذا كنا سنرضخ لصوت السيدة فيروز وهي تصرخ لعشيقها: شايف البحر شو كبير... بكبر البحر بحبك. إنه سر الكويت الكبير وهكذا تكون الأسرار وإلا فلا.. دولة صغيرة وإبداع عظيم وفي كافة نواحي الحياة.. استعرضوا خارطة الفن وخارطة الفكر وكل الخرائط.. تذكروا الأدب والشعر والغناء والكرة والخطابة والصحافة والسياسة والإدارة والإعلام والتلفزيون وفي جميعها ستجدون عشرات الأسماء الكويتية التي أثرت الساحة العربية بأعمال تاريخية خالدة.. أسماء لم تثنها مساحة دولتها وصغرها فتجاوزت الجغرافيا ولم تعترف بالحدود فصار عطاؤها وإبداعها يتناثر من المحيط إلى الخليج.. أسماء غضت الطرف ولم تلق السمع لأي صوت يهتم بالتعداد السكاني ويضعه شرطاً من شروط الحصول على المعجبين والمحبين، فصار الجمهور العربي والخليجي بكل تركيباته من محبيها ومعجبيها ومتابعيها. لقد منحني جاسم يعقوب ومحبوب وفتحي كميل الثقة والقدرة على أن أبرهن وأراهن أن الكويت حالة عالمية خاصة ونادرة.. فلو غاب ذلك الإمبراطور الأزرق عن المشهد لسمعت من يقول لي إن الكويت دولة مليئة بالموهوبين فعلاً لكن باستثناء كرة القدم. دورة الخليج على الأبواب والمنتخب الكويتي صاحب السجل القياسي في هذه المنافسة لم يعد ذلك الشبح المرعب فالزمن تغير.. وآآآه يازمن.. أعتقد أن جاسم ومحبوب وكميل سيتابعون هذه الدورة ويرددون ما قاله أبوالعتاهية: (فيا أسفا أسفت على شباب..) أما أنا فقد أخذت منهم الدليل أن الكويت أرض خصبة للإبداع.. صحيح إنه دليل قديم.. وقديمك نديمك.. ودليل واحد يكفي.. إذا احتاج النهار إلى دليل.