|


صالح الخليف
توقف أيها الأجوف
2012-12-13

ثقافتهم مخلة، وأفكارهم مشتتة، وكلما سمعت أحدهم يتكلم في التلفزيون أصابتني الكآبة والشعور بالصداع والغثيان .. وإذا أردت أن أعد أو أحسب قائمة لاعبي كرة القدم السعوديين الذين لديهم المقدرة على الحديث أمام الشاشة بطريقة مباشرة ومفهومة فإنهم وعلى مدار التاريخ لن يتجاوزوا عدد أيام الأسبوع.. لست طماعاً لأقول إنني أحلم بسماع لاعب مفوه، لكنني أريد فقط من إذا اضطر للكلام يقول جملة مفيدة لا أكثر ولا أقل. قد يقول القائلون إن هؤلاء اللاعبين مهمتهم العطاء والمتعة والإبداع على العشب الأخضر فليسوا خطباء سينبري أحدهم فوق المنبر ليعيد ذكريات سوق عكاظ .. وهم يتكلمون عادة استجابة لمحاصرة الإعلاميين والمذيعين ومطالبهم الملحة والمتكررة بعد كل مباراة .. ثم إن الإنسان العادي لا يعرف إن كان من أولئك الذين يملكون المقدرة على نيل رضا واستحسان وإقناع الآخرين عندما يفتح له المجال ليقول وجهة نظره.. وهذا كله صحيح ولا جدل ولا جدال عليه .. لكن اعتراضي واحتجاجي يتمثل فقط في كلمتي.. إلى متى.. إلى متى؟ فمن يتصدى لمبادرة سأعتبرها شخصياً خطوة تاريخية لإنقاذ الذوق العام من هذا الخواء المستفحل والمستمر والمتصاعد ويعلن تقنين كلام اللاعبين.. ويوصل على الجهة الثانية رسالة للإعلاميين مفادها التوقف عن مطاردة نجوم كرة القدم ليبقى ظهورهم مقتصراً على الميدان.. والميدان يا حميدان.. أو ينحصر كلامهم وتصريحاتهم على الصحافة المكتوبة التي بالطبع لا تستطيع نشر أي حديث دون أن يمر على متخصصين ومحترفين ومهنيين مهمتهم تجميل وتحسين وتلميع كلام كل من لا يعرف يتكلم.. والمصيبة والطامة أن الصحافة تؤدي هذا الدور بالمجان ومع ذلك تجد من بين من أظهرتهم بصورة راقية في أعين القراء لا يتوانى عن الخروج والهجوم عليها كلما وجد إلى ذلك سبيلا.. باختصار شديد ووضوح تام وبدون لف ودوران.. نقول لنجومنا الذين يحشدون وراءهم عشرات ومئات وآلاف المعجبين والمحبين والمناصرين والعاشقين والمرتبطين كروياً بهم ومن أجلهم إنكم تلعبون وتبدعون طوال تسعين دقيقة.. فإذا جاءت تلك الدقائق الثلاث التي ربما تزيد أحياناً بقليل أو تنقص بقليل.. حينما تأتي هذه الدقائق الثلاث يصير حالكم ما بين الملعب والمايكروفون كحال الفنان المصري شعبان عبدالرحيم إذا جن جنون أحد المستمعين وراح يقارنه بفنان العرب أو أم كلثوم أو فيروز ثم يتباكى على الفن الجميل.. وشتان ما بيننا شتان.. أقول كل هذا الكلام الذي ربما يكون ثقيل طينه وما ينهضم بسهولة وممل على أسماع اللاعبين.. أقوله وأجري على الله.. أقوله وأتذكر ما قاله شاعر الإنجليز الكبير شكسبير (الكلمات الجوفاء قلما تعلو).. فيا صاحب الكلام الأجوف.. رفقاً بأسماعنا.