|


صالح الخليف
مباراة على طريقة القذافي
2012-12-08

يقال بأن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي منع منتخب بلاده لكرة القدم من المشاركة في أي منافسة دولية منتصف الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي بحجة عدم مشروعية أن يمثل أحد عشر لاعباً شعباً بأكمله.. ويروي الرواة أن القذافي استند إلى أن الفريق الوطني إذا خسر أمام أي فريق يمثل دولة أخرى فإن الناس ستقول (ليبيا خسرت) ولا يقولون إن هؤلاء الأحد عشر لاعباً هم فقط الذين تعرضوا للهزيمة.. فاقترح القذافي أن يلعب الشعب كله أو يشطب المنتخب.. ورغم أنني لست متأكداً من صحة هذه القصة وقد تكون متداولة فقط من باب السخرية السياسية التي ستجد من يروجها ويصدقها خاصة أن بطلها رجل بمواصفات القذافي اشتهر بغرائبه وطرائفه ومواقفه التي تخرج كثيراً عن النص.. أقول رغم هذا ورغم كوميديتها وجنونها ورغم أنها غير قابلة للتطبيق إلا أنني شخصياً أعلن اتفاقي ومساندتي ودعمي لها وبنسبة 100%... والذي أجبرني على اتخاذ هذا الموقف ليس القذافي وليس لأنني أرى الأمور من زاوية أخرى وأملك فلسفة خاصة يعجز عنها الآخرون.. لا والله.. اعتبروني هذه المرة أنا المجنون وليس القذافي وتذكروا أن الأديب الإنجليزي برنارد شو يقول: "قد تأتيك النصيحة النافعة على لسان مجنون". أكثر الأشياء التي أسمعها وتستفزني وتوترني وتزعجني وتقهرني وتخرجني عن طوري وأمقتها وأبغضها وأكرهها كراهية العيون التي في طرفها حور للعمى عندما يحصر أحد، أي أحد الرياضة على القومية الوطنية ويحولها إلى قضية شعبية تستحق أن نذهب معها إلى آخر نقطة على وجه الأرض. أمريكا تحكم العالم وتلعب دور الشرطي وترفع دولاً لاعماد لها وتهدم دول العز والشرف.. أمريكا غيرت وجه الإنسانية واخترعت الطائرات ووصلت للقمر والنجوم وصنعت الآيباد والآيفون وقربت المسافات وانتجت أهم الأدوية.. باختصار شديد فعلت ما لم يسبقه إليها أحد من العالمين.. ومع كل هذا يخسر منتخبها بنتائج ثقيلة ويتمرمط ويتسحب على وجهه أمام منتخبات دول تغدق عليها أمريكا من فائض كرمها.. تخيل دولاً تعيش على معوناتك ويفوز منتخبها عليك.. لكنها أمريكا على أية حال.. ولأنها أمريكا فإنها بعقلها وحكمتها تعرف أنها رياضة لا أكثر ولا أقل، فلا يمكن اتهام أي رياضي ينتمي إليها ويلعب باسمها بأنه لم يعرف قيمتها ولم يبذل مزيداً من الجهد وأهان تاريخها وقوتها ونفوذها وجبروتها وسمعتها. في عالمنا العربي.. ومضطر لأقول العالم العربي حتى يضيع دمه بين القبائل.. في هذا العالم عندما يخسر منتخبنا العروبي القومي النضالي فإن أصوات ناقمة مشحونة تحمل بيمينها سيفاً مسلولاً تقطع به أعناق أولئك الذين جعلوا من الوطن فريقاً يخرج خاسراً مباراة كروية.. وتحمل في شمالها معلقة وخطبة عصماء عن كيفية أن يكون اللاعب مواطناً صالحاً يبذل الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن الذي أعطاه كل شيء، لكنه داخل الملعب نسي أشياء كثيرة وكان سبباً في سقوط وخسارة المنتخب. أيها السيادات والسادة في وطننا العربي الكبير.. باسم العروبة وروابط الأخوة الوثيقة نسألكم أن تلعبوا وتستمتعوا بالرياضة لكن بهدوء ودون تشنج ودون تربص ودون اتهامات بالتواطؤ والتخاذل والمؤامرات.. وإلا فإننا سنوافق تماماً على ما قاله الأديب الأسباني سرفانتس: "قد يكون الجنون الأعمى في هذا العصر أفضل من العقل المتبصر". ونوافق أيضاً على فكرة القذافي... الشعوب العربية كلها تلعب وإلا بلاش كورة وبلاش رياضة.