لا أقرأ الكف ولا أضرب الودع ولا أسترق السمع حتى لا يتبعني شهاب مبين.. لكنني أقول إن الفتح ذلك الفارس الصغير القادم من الأحساء سيحصل على الدوري السعودي في حالة واحدة فقط.. إذا دخل الجمل في سم الخياط.. وأما عدا ذلك فهي مجرد خرافات وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان.. شيئان لا يعترفان بالمنطق.. الحب وكرة القدم.. فالفقير المسكين الذي تحل عليه الصدقة ولا يجد قوت يومه ربما يصحو يوماً وقد وقعت في شباك غرامه بنت شابندر التجار.. الناعمة المدللة التي قضت طفولتها وصباها تتراقص في ملاهي ديزني لاند على أطراف العاصمة الفرنسية باريس فيما صاحبنا ضعيف الحيلة يترزق الله ويجاهد الزمن من بزوغ الشمس حتى غروبها..ويستمتع آخر الليل بصوت حليم يغني.. "وحلمت بأن تتزوجني بنت السلطان.. تلك العيناها أصفى من ماء الخلجان" .. ربما فعلا تتزوجه وتتغير حياته رغم أنه غلبان وما عندوش إلا اللظى.. بينما هي بنت ناس ومحترمة على رأي المسلسلات المصرية.. أما السيدة الفاضلة المحترمة فعلا كرة القدم فهي الأخرى لا تتعاطى مع المنطق على المطلق وتسحب أحياناً سفيرها منه وتقطع كل العلاقات معه.. قطيعة واضحة وصريحة وليست كقطيعة النظام المصري مع النظام السوري.. قطيعة بالكلام.. وإلا ماذا يفعل سفير مرسي في الشام حتى الآن وماذا يصنع سفير طاغية دمشق في القاهرة؟ كرة القدم عجيبة غريبة.. وأعتقد أنها واحدة من أهم الاكتشافات أو الاختراعات أو الصناعات.. سمها ما شئت.. فالأهم أنها واحدة من أهم ما ابتكرته العقلية البشرية في التاريخ الحديث.. والحديث عن هذه القضية يحتاج تفصيلا طويلا ومملاً.. وأحد أوجه غرابتها أن الفتح النادي الذي يعد من ذوي الدخل المحدود يصبح بين غمضة عين وانتباهتها متصدراً ومتقدماً على فرق وأندية توصف بالثرية على المستوى العربي.. فضلا عن تاريخها ونجومها وجماهيرها وشعبيتها.. في كرة القدم يمكن للفرق الجائعة أن تسقط الفرق ذات الأوزان البرميلية.. ولا نحتاج أي أدلة إثبات على تأكيد كلام كهذا.. لولا أن منافسات الدوري بالذات وفي كل مكان لا تبتسم إلا للكبار.. والكبار فقط، فالفتح ومهما فعل وعمل واجتهد لن يتجاوز المركز الثالث أو الرابع على أحسن الأحوال فهو طير طار.. وما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ـ كما يقول الشافعي.. ولست في صدد دخول مراهنات أو تحديات من أي نوع لكنني كما قلت أنتصر فقط للمنطق الذي لا تؤمن به كرة القدم دائما.. انتهى الدور الأول لكن العبرة بالخواتيم.. والنهاية ستكون مرة ومريرة.. وأعتقد أن التحدي الفعلي لإدارة هذا النادي الواعد ليس بمجاراة الهلال فهذا صعب وشبه مستحيل، وإنما التحدي يكمن فقط في كيفية إخراج اللاعبين وعشاق الفريق القليلين من حالة الوهم بعد أن تنجلي الحقيقة وتنتهي هذه الحفلة ويفرض الواقع نفسه.. وحتى لا يسخر عليهم أحد ويردد على أسماعهم ما قاله الشاعر الدجال الشحاذ أبو الطيب المتنبي (إن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم). إن هناك فرقاً وأندية كروية مرت بما يمر به الفتح الآن، وعاشت هذه الليالي الملاح بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة كالنجمة مثلاً التي اقتربت ونافست على الدوري وحينما ذهب الغبار وانطفأت وهوت هذه النجمة وصلت إلى الدرجة الثانية صارت العودة مرة أخرى إلى الأضواء تحتاج بالمنطق أيضا إلى ثلاثين سنة ضوئية.. أيها الفتحاويون عودوا إلى أفلاطون وحكمته الاستثنائية (توفر القناعة الوقت الكافي للتمتع بالحياة).. فتمتعوا بالصور والتصريحات والمنافسة.. واستعدوا لعد هزائمكم الواحدة تلو الأخرى واربطوا الأحزمة لأن الطائرة تستعد للهبوط على مدرج مطار الأحساء.. استعدوا فقد جاء وقت الصحيح وانتهى وقت المزوحي ـ كما يقول فنان العرب.