الفشل سهل وبسيط ومنتشر، وكثير من الناس فاشلون.. والنجاح صعب وشاق وطريقه ليس مفروشاً لا بالورود الطبيعية ولا حتى الصناعية. الجميع يتمنون النجاح ويخافون من الفشل ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. وأعتقد أن أكثر أسباب الفشل يتلخص في أن هناك من يعمل في مهنة علاقته بها كعلاقة القنوات الرياضية السعودية مع الإبداع. وللأمانة إنني لا أعتبر نفسي متابعاً جيداً أو ضيفاً يجلس دائماً أمام شاشاتها لمشاهدة برامجها وأخبارها وتغطياتها لكنني أستقي معلوماتي عنها فقط من الأصدقاء والمعارف الذين صارت الكرة أكبر همهم.. وأظن أن كلامهم يكفيني لأخذ تصور وانطباع عام وهام عما يجري فيها.. والسمعة أهم من الحقيقة كما يقول الأمريكان. نجحت قناة الجزيرة القطرية بامتياز، أقصد مهنياً فقط، أما حيادها فهي أكذوبة أخرى تضاف لكثير من الخدع والأوهام التي يغرق فيها العالم العربي الآن من خليجه إلى محيطه ومن رأسه حتى أخمص قدميه، فالذي يتابع تغطيتها هذه الأيام للأحداث المصرية يكتشف بسرعة ودون عناء كيف تميل كل الميل لصف حكومة مرسي الإخوانية وتسوق لفكرة تأييدها الواسع من المصريين مع تجاهل فاضح للصوت الآخر.. رغم أنها قناة الرأي والرأي الآخر ـ كما تصف نفسها. فالجزيرة ناجحة وتستحق أن تكون مثالاً يحتذى به في العمل التلفزيوني المحترف، ولها تجربة رائدة وخطيرة ومقنعة فهي صاحبة السبق في جعل النشرة الإخبارية تضاهي فيلماً سينمائياً كتب وأخرج ونفذ بطريقة درامية عالية. وسبب هذا النجاح يعود فقط إلى أن الجزيرة أعطت الخبز خبازه حتى وإن أكل المخبز والطحين والعجين.. فكافة المذيعين والمعدين هم أساساً نتاج العملية الصحفية فلم يظهروا لمجرد صوت وشكل.. وإنما جاؤوا من خلفية وخبرة وعمل صحفي حقيقي.. ما يحدث وما يراه الناس على القنوات الرياضية السعودية لا رابط بينه وبين الفكر الذي صنع الجزيرة.. وإذا أردت النجاح ابحث عن الفكر. ما تقدمه القنوات الرياضية السعودية ليس مكرراً كما يقال وليس مجرد مذيع يسأل وضيوف يتكلمون.. المشكلة لا تكمن هنا.. المصيبة أن الذين يسألون هم أساساً خارج التغطية فلم يمارسوا الصحافة لا من قريب أو بعيد.. بعضهم كما يقال بالعامية نزل على التلفزيون بالباراشوت.. بلا مقدمات ولا إحم ولا دستور، وجد نفسه يوزع الابتسامات وعلى الهواء مباشرة.. ويوزع معها أسئلة ترفع الضغط لكن ليس على طريقة فيصل القاسم مثلاً.. ابحثوا عن الناجحين في القنوات الرياضية السعودية وستجدونهم قلة قليلة لا ترى بالعين المجردة.. ستجدونهم قبل كل شيء أمضوا ردحاً من حياتهم في الصحافة.. هذه الصحافة التي يخوفون العاملين فيها بأنها ستنقرض وأن هؤلاء العاملين لن يجدوا قريباً قوت يومهم.. كما يروج عثمان العمير في كل مناسبة تسويق هذه الفكرة، فقبل فترة طويلة جلس في دبي وأعطاها تسع سنوات كحد أقصى قبل أن ترتدي البدلة الحمراء وتقف على منصة الإعدام.. أضغاث أحلام.. أضغاث أحلام. أيها القنوات الرياضية العزيزة.. هل تريدين استنساخ الجزيرة.. الأمر بسيط والنجاح سيكون أبسط مما تتصورين .. فقط أبعدي (المتغترتين) وأقصد الذي تصبح غترته أهم لديه من أسئلته وفكره وطرحه.. أبعديهم وافتحي الباب على مصراعيه للصحفيين.. أتكلم طبعاً عن الناجحين مثل الكثيرين في الجزيرة.. النادرين والغائبين والبعيدين عنك وبعيد عنك.. ومليش غير الدموع أحباب.