دائماً ما نطالب بالتخصص، ونمارس أحياناً نقداً لاذعاً تجاه غير المتخصصين الذين يفتون بغير علم في تخصصات شتى، وربما أن الوسط الرياضي لا يخلو من هذه الممارسة إن لم يكن الأكثر حضوراً.
على مدى حالات عدة خسرت الأندية جملة من القضايا مع مدربيها الأجانب وكذلك اللاعبين الذين يجيدون المراوغة في العقود وليس في الملاعب، وكذلك في جملة من القضايا مع الاتحاد القاري أو الدولي.
ما يحدث في الأندية جميعها خلال الفترة الماضية هو إبعاد المتخصصين القانونيين المتمرسين في صياغة العقود، وهو ما يجعل الأندية الحلقة الأضعف في حال حدوث خلافات بين الطرفين، وإقرار مثل هذه الخطوة من شأنها أن تسهم في تنظيم العمل الإحترافي، وبما يضمن المحافظة على حقوق النادي عبر صياغة العقود بشكل لا يقبل التأويل، وبالتالي تجاوز أخطاء الماضي.
الأمر الآخر أن الكثير من الأندية تزهد في دفع مبالغ قليلة مع محاميين لديهم من الخبرة الكافية داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، أو المحكمة الكروية الدولية مما يسهم في خسارتهم لكثير من القضايا في ظل عدم معرفتهم بدهاليز التقاضي الدولي، وهو ما يدفع الأندية جميعاً إلى السعي الجاد للبدء في شراكات من هذا النوع، ومع أسماء لديها من الخبرة والسمعة العالمية التي تسمح لها بحفظ حقوق الأندية المحلية، وعدم وقوعها ضحية الجهل أحياناً أو عدم الإستعداد لقضايا من هذا النوع الجديد على أنديتنا، في تطبيق فعلي لسياسة تخصيص ميزانية بسيطة لهذا التوجه بدلاً من ذهاب ميزانية ضخمة تطبيقاً لعقوبات مختلفة.
الحاجة إلى القانونيين المتخصصين تحضر أيضاً في صياغة عقود النادي الاستثمارية خصوصاً بعد وجود إدارات استثمار مستقلة داخل أروقة الأندية، والتي لا تخلو طريقة إدارتها من رمي هذا الملف على أعضاء شرف أو أعضاء مجلس إدارة خبرتهم في مجال البورصة أو الصناعة أو التجارة لكنهم بعيدين كل البعد عن صناعة كرة القدم.
صحيح أن النصر بدأ هذه الخطوة بشكل فاخر أخيراً لكن المهم المُخرجات، وإحداث حراك حقيقي في هذا الجانب الذي بإمكانه نقل النادي إلى مرحلة مُتقدمة في السعة المالية شريطة وجود متخصصين حقيقيين.
إجمالاً مطالبتنا باحترام التخصص مهم أن يقابلها تطبيقنا لذلك، وعدم ترك مستقبل الأندية أو موازناتها المالية تحت رحمة مزاجية الرؤساء أو شخصيات نافذة في الأندية همّها البحث عن مكاسب خاصة جماهيرية أو إعلامية أو تجارية، وتحوّيل الأندية إلى مجرد جسور سريعة إلى عالم الشهرة، والمشهد الرياضي المحلي للأسف يُقّدم ذلك بكثافة لا توجد في أي مجال آخر.