"هذه البوابة لايُسمح لأي أحد بالدخول منها" ألقى الضابط هذه العبارة على الجندي المُكلّف من دون حتى أن تلتقي عيناه به، وأدار له ظهره، ومضى بمشيته التي لاتخلو من خيلاء لامبرر له، متصوراً أن النجوم الذهبية التي تنام على كتفيه بهدوء هي الرخصة الوحيدة لهذه الطريقة في المشي التي تُجيز له التحوّل إلى كائن مغرور.
الجندي يعي جيداً أن هذه البوابة مخصصة للإعلاميين أو للضيوف، وعبرها الطريق الوحيد الموصل إلى مقاعدهم لكنه مُجبر على الالتزام بتعليمات الضابط خوفاً من تعرضه لعقوبة مخالفة تعليماته حتى لو كانت خاطئة ومُحرجة له كثيراً.
ضجيج، شكاوى، استياء، أصوات تتعالى، لا أحد يجيب سوى الجندي المغلوب على أمره الذي يردد بصوت واهن لايخلو من خجل: "تعليمات الضابط يقول لا أحد يدخل".
حينها يتعطل عمل مجموعة من الإعلاميين، يبقى الضيوف خارجاً، وبينهم وبين الوصول إلى الأماكن المخصصة لهم باب باطنه فيه الراحة وظاهره فيه التجاهل والتعنت المرتبط بتعليمات ضابط ألقى كلمتين وغاب عن الصورة.
للأسف هذا المشهد بات يتكرر في كل مناسبة رياضية كبرى، من دون وجود عمل حقيقي وملموس لمنع تكرار هذه الممارسات الفردية التي تسيء لجهات حكومية هامة، ولعل ما حدث في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين وشاهدته شخصياً لبعض الزملاء وضيوف الحفل إنما هو تكرار لأخطاء باتت معتادة للأسف.
أعي جيداً وغيري الكثير على أن ثمة مناسبات تحتاج إلى تعامل أمني مكثف، وترتيبات تنظيمية خاصة خصوصاً التي ترتبط بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أو ولي عهده الأمير سلمان، وكذلك ولي ولي العهد الأمير مقرن، هو أمر منطقي ومبرر تماماً لكن بعض التنظيمات تحتاج القليل من المرونة خصوصاً لمن يملك بطاقة من الجهات التنظيمية للمناسبة تسمح له بالتحرك في أماكن محددة.
وأعتقد أن حادثة قائد المنتخب السعودي الأسبق صالح النعيمة قبل يومين في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين في جدة، والصور والتعليقات التي صاحبت الموضوع عززت من حقيقة أن التنظيمات لهذه المناسبات الكبرى تحتاج إعادة نظر، وإلى آلية تحفظ للشخصيات الرياضية الكبيرة ولرجال الإعلام حقوقهم، وتضمن وجود تعامل يليق بهم.
كل ما أخشاه أن تكون هذه الأحداث مصاحبة بشكل مستمر لكل نهائي، وأفترض أن نسعى جميعاً ألا يرتبط بهذه المناسبات الكبيرة إلا ما يليق بها تنظيماً وترتيباً وتقديراً حتى تكون ذكراها جيدة في أذهان الناس، وكذلك لتنسجم من جمالية الحدث، وأهمية المناسبة بدلاً من تركها عرضة للاجتهاد الذي اثبت في أكثر من مناسبة أنه يسيء، وربما يُفسد.
إجمالاً لدينا الوقت الكافي لمعالجة الأخطاء، المهم ألا نتفرغ لرمي المسؤولية على بعضنا، ونعي أننا في سفينة واحدة من حقها علينا أن نسير بها إلى بر الأمان لأنها تسحق ولكي نحيا.