محمد نور داخل أرض الميدان يعتمد على سياسة السهل الممتنع، ولكن بعد لقائه الأخير عبر برنامج "كورة" في قناة "روتانا" أيقنت أن هذا طبعه في أموره كلها.
نور في الحوار لم يتخل عن فروسيته الرياضية، خرج من الاتحاد في جدة مكسوراً بطريقه لاتليق بنجم "العميد" التاريخي، واحتضنه النصراويون في الرياض وأنهى موسمه بتحقيق الدوري والكأس.
كان قادراً على أن يشمت بأعدائه كلهم، كان باستطاعته أن يُعرّيهم، أتته فرصة من ذهب ليقول لهم: "كسبت وخسرتم"، كان يملك كامل الوقت ليسرد أسماءهم ومواقفهم، وربما حقائق عنهم لكنه اكتفى بأن يكون كأي فارس نبيل في لحظة انتصار.
أول من أمس مارس نور الإنصاف الذي نفتقده في وسطنا الرياضي، حيث أنصف خصومه داخل الملعب، واكتفى بالثنائي نواف التمياط وخالد عزيز، إذ قال عنهما خصمين حقيقيين داخل الملعب، ومعهما فقط يشعر بلذة التنافس.
تحدث عن زملائه في النصر والاتحاد بطريقة عفوية لاتجدها لدى الكثير من اللاعبين الغارقين في التكلف والغرور أحياناً، حتى طريقته في نقده لبعضهم لاتملك إلا تقبّلها لأنها تأتي صادقة من دون تجريح.
أعترف أن هذا اللقاء من أجمل اللقاءات التي شاهدتها لنجم كروي سعودي طوال السنين الماضية، العفوية كانت حاضرة، الابتسامة موجودة، الثقة في قدراته، ورغبته في مواصلة المشوار كانت من أهم مخرجات الحوار.
"الفيتو" وهو أحب الألقاب له كما يقول كان يمارس وفائه لأهل حارته، ولأصدقائه، ولرفاق دربه، وفي الوقت ذاته كان يعكس في إجاباته حجم برّه بأمه، وحرصه على البقاء إلى جوارها، وتلبية طلباتها، نور كان الإنسان النبيل الذي لاتملك إلا أن تحترمه حتى لو لم تحبه.
في عالم كرة القدم تحديداً لاتستطيع لتحقيق الأمجاد والبطولات والتاريخ والذكرى العطرة أن تكون موهوباً، وتملك قدرات رياضية خاصة فقط، الأهم منها أن تتحلّى بأخلاقيات الفرسان مع خصومك قبل أصدقائك، أن تدفعهم لاحترامك حتى لو لم يحبوك، محمد نور حقق هذه المعادلة وبامتياز.
في الحوار كان باستطاعته أن يصف نفسه بالأسطورة وهو كذلك لكنه لم يفعل، وكان قادراً على أن يظهر بمظهر مختلف لكنه رفض، نور كان يملك الوقت والمكان المناسبين لتوجيه جملة رسائل لأطراف مختلفة لكنه أبّى إلا أن يكون محمد نور الفارس الرياضي الحقيقي الذي يملك من التاريخ ما يشفع له.
أخيراً محمد نور أسطورة حقيقية لاتزال تقف بشموخ على "المُعشّب الأخضر"، رغم أنه أكثر لاعب تم ظلمه مع "الأخضر"، ميزته أنه يُزهر أينما يتم وضعه، لذلك خرج من أروقة "أصفر جدة" مُحمّلاً بالبطولات والألقاب، وأكمل المسيرة في "أصفر الرياض" بلقبين غاليين، ليثبت علاقته الدائمة بالذهب وبالفرح والحب، وكل ما هو ممتع وجميل في عالم كرة القدم.