لدينا ما أن تنتهي بطولة حتى تطل لغة عدد البطولات برأسها مجدداً، والتي لاتخلو من مزايدات، فاز النصر بكأس ولي العهد وأعلن أنها البطولة الـ"40" في تاريخه "الستيني"، وقبلها حصد الهلال النسخة الماضية من المسابقة ذاتها فعدوها البطولة رقم 54، وسيفوز الاتحاد ببطولة الموسم المقبل ويؤكد أنها بطولة تضاف إلى بطولاته المتعددة، والأهلي سيحقق لقباً جديداً ولن يكون بعيداً عن هذه الممارسة التي تخصص بها الكبار.
ما أعنيه أننا لانزال وسطاً رياضياً مليئاً بالحراك من كل الجهات ومن عدة جبهات، ورغم كل ذلك نفتقد إلى كرة قدم مبنية على الإحصاء المنهجي والعلمي، والأهم من ذلك كله افتقادنا لذاكرة كروية مبنية على الدقة والموضوعية والأمانة.
الأمر المعيب أن الاتحاد الدولي لكرة القدم وعبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت وقع ضحية لتخبطنا الرقمي، والزائر لموقعه سيجد أن عدد بطولات فرقنا غير صحيحة، وبعيدة كل البعد عن الدقة.
من حق النصر أن يقول إن عدد بطولاته 40، ومقبول أن يتغنى الهلال ببطولاته الأربع وخمسين، وطبيعي جداً أن تقوم بقية الأندية بهذا الدور "الكلاسيكي"، ولكن أليس من الأجدى لدى الاتحاد السعودي لكرة القدم وهو الجهة الرسمية التي تقع على مسؤوليتها حسم مثل هذا الجدل الدائر أن يسعى لحفظ المكتسبات التاريخية لكل ناد وفق آلية محددة واضحة ونزيهة، ولايتركها عرضة لـ"قطاع طرق التاريخ الرياضي" الذين تفننوا في إبراز لقب لفرقهم المفضلة، ونجحوا في تغييب منجزات فرق منافسة.
في أوروبا لدى برشلونة 82 بطولة رسمية يحفظها التاريخ عن ظهر حب، على الرغم من بطولاته التي جاوزت الـ116، لكن ما يميزهم عن سواهم أنهم لايتوسلون الألقاب بل يواصلون حصدها، ويتركون مهمة الفرز بين الرسمي والودي للتاريخ وللعقلاء فقط.
لن أذهب بعيداً في مصر مثلاً يتفوق الأهلي على أقرانه بتحقيقه لأكثر من 115 بطولة، لكن الرسمي منها يصل إلى 85 مع لقب دوري أبطال إفريقيا الأخير، وهو ما يعيه أنصار النادي الأفضل في تاريخ إفريقيا بشكل واضح.
من المهم جداً أن تتم إعادة النظر في البطولات الرسمية والودية للأندية السعودية، وإعلانها للشارع الرياضي المنقسم حالياً في هذا الاتجاه، إذ يجدر بالاتحاد السعودي لكرة القدم أن يكون أكثر فاعلية في هذا المضمار، ويقوم بهذه المهمة، ويعمل على تصنيف البطولات الرسمية والودية، وتعتمد على آلية تبين البطولات التي من الممكن تصنيفها على أنها رسمية مثل مسابقة الدوري بكافة مسمياته، ومسابقة الكأس أيضاً، وهما البطولتان المعمول بهما في جميع دول العالم، ويضاف لهما أيضاً بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال لخصوصيتها في مشهدنا الرياضي، إضافة إلى البطولات القارية.
أما البطولات الودية أو التنشيطية أو التي لاترقى كونها بطولة رسمية كبيرة فهي بطولات متعددة ومعروفة منها مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد -كأس الاتحاد سابقاً- أو دورة الصداقة الدولية أو دورة الأمير تركي بن ناصر أو دورة المصيف، وكذلك البطولات الخليجية والعربية وغيرها.
أعتقد أن الوقت بات مناسباً للحراك في هذا المضمار الذي تحول إلى "سباق أرانب" لايفوز فيه إلا من يمتلك السرعة والقوة في إيصال صوته، ورفع شعار "خليها وعليّها".