قدر المدرب السعودي الكبير خالد القروني أنه لا ينتمي إلى ناد جماهيري يقوم بدعمه إعلامياً كما حدث لغيره سابقاً، أو سيحدث لآخرين مستقبلاً، أو كما يحدث الآن، وظل القروني بعيداً عن الصراعات الإعلامية، يلتزم الصمت تجاه الكثير من الأخطاء بحقه، خلاف أنه تحمل ظلم ذوي القربى داخل أروقة الاتحاد السعودي وفي وسائل الإعلام وعلى لسان الجماهير.
قبل أسبوع فقط خسر المنتخب السعودي الأولمبي المشارك في كأس آسيا في مسقط مواجهته الأولى أمام المنتخب العراقي، وحينها بادر الكثير إلى جلد القروني إعلامياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، متناسين أنه مدرب يخوض عراكاً وهو بدون أسلحته التي طلبها لكن رفض الأندية كان أقوى للأسف.
"الابن البار" لـ"مدرسة الوسطى" واصل نهجه بالتفرغ للعمل ولا شيء سواه، إيماناً بقدراته التدريبية وتأكيداً على قدرته على النجاح وفق الظروف المتاحة، وهو ما تحقق إذ نجح "الأخضر" في جمع 6 نقاط من انتصارين كبيرين أمام الصين وأوزبكستان على التوالي، ويظفر ببطاقة التأهل إلى الدور الثاني، والبارحة نجح في تجاوز المنتخب الأسترالي القوي والوصول إلى دور الأربعة، ولم يقل: "الفوز جاء رداً على المشككين" كما يردد سواه.
كنت ولا زلت أؤكد أن خالد القروني أحد المدربين الوطنيين القلة الذين يمتلكون الكفاءة الفنية والنظرة الثاقبة، وكذلك التجربة الميدانية العريضة، ولعل إسهامه المباشر والأساسي في تأهل "الأخضر الشاب" للمونديال الأخير في كولومبيا عقب غياب في 3 مناسبات سابقة وتجاوز الدور الأول للمرة الأولى كان دليل إثبات أنه مختلف اختلافاً تاماً، وهذا ما يدفعني للتأكيد على وجوب ممارسة إنصاف الكفاءات الوطنية المنجزة، والقروني من أهم هذه الأسماء حالياً خصوصاً من خلال تعرضه لحملة إعلامية شرسة في أكثر من مناسبة.
قائمة طويلة من الأسماء الأجنبية منحت فرصتها كاملة في المنتخبات السعودية بكافة فئاتها ونالت من الدعم الإعلامي والجماهيري والرسمي الشيء الكثير من دون القدرة على تحقيق منجز نتباهى به، وأبناء الوطن مثل القروني وجد نقداً قاسياً وتشكيكاً بأهليته الفنية وتقليلاً من قدراته التدريبية، وكأن اسمه العربي الخالص يكفي لعدم قبوله، لكنه فضل الرد بشكل عملي، وهو ما تحقق.
أفترض أن تجربة المدرب الوطني في المنتخبات السعودية غالباً ما ثبت نجاحها، وربما أن تجربة القروني الناجحة ستسهم في إعادة الثقة في مدربين ينتظرون الفرصة، وهم كثر لكنهم يحتاجون المزيد من الدورات، والكثير من الثقة، والقليل من النقد القاسي الذي بات يلازم أي مدرب وطني في الفئات السنية.
إجمالاً عقب الفوز على المنتخب الأسترالي والتأهل لدور الأربعة بعثت برسالة للمدرب خالد القروني أكدت فيها على أنني لن أهنئه بالفوز إنما بتحقيق المركز الأول لقناعتي بقدرته على ذلك، ولهذا هو يستحق التهنئة علناً هو وكافة أفراد فرقة "الصقور الخضر الشابة".