لا أبالغ لو قلت إن صورة الأندية الرياضية كانت ولا زالت تتجاهل أضلاع شعارها الثلاثي (رياضي، ثقافي، اجتماعي)، خصوصاً وأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تعاني منذ فترة طويلة من انتقادات متواصلة من قبل مجلس الشورى، وتحديداً في جوانب تقصيرها سواء في المنجزات الرياضية بشكل عام أو في إغفالها لأدوارها الأخرى، ومنها بلا شك الثقافية.
صحيح أن الفترة الماضية وتحديداً قبل أكثر من 20 عاما أو أكثر كانت الأندية تشهد مسابقات ثقافية لكن لم يتم تسويقها بالشكل الصحيح، أو لأنها لم تشهد تغطية إعلامية بطريقة احترافية ترضي كافة المتابعين.
المسابقات الثقافية ـ وأنا من عايشت تجاربها قبل سنين طويلة ـ تجربة متفردة في المضمون وفي التعاطي، وما يميزها أنها مواجهات متكافئة خارج الميدان، الفيصل فيها ليس لمهارات اللاعبين أو الإمكانات المادية للأندية، أو الدعم الإعلامي والشرفي أو حتى لتاريخها، الحسم هنا فقط في ثقافة الفريق المشارك لكل ناد، ومدى سعة اطلاعه، وحجم مطالعاته، لذلك لن يكون غريباً أن يكون البطل نادي الوحدة أو نجران أو العروبة على حساب الأندية الكبيرة لأنها مواجهة لا علاقة لها بكرة القدم فعلياً.
الكثير من اللاعبين المحليين لدينا في تفرغ تام للاستماع للأغاني الطربية للفنان الشهير رابح صقر، وترديد عباراته الشهيرة: "ثنتين" أو "يب.. يب" قبل التمارين وفي المعسكرات وفي المطارات، متجاهلين بشكل تام الكتاب أياً كان تخصصه، والإيمان بضرورة الاطلاع، وأهمية توسيع المدارك، وذلك بالتأكيد لن يتم بدون القراءة المكثفة، لذلك بات ظهورهم الإعلامي يؤكد هذه الحالة المتواضعة، وبالتالي صعوبة قدرتهم على إقناع المتابعين بثقافتهم وغزارة معلوماتهم، ولعل نسبة اللاعبين الذين أنهوا المرحلة الجامعية في الأندية تعتبر الأقل بين كافة المراحل التعليمية، مع الإشارة إلى أن بعض الأندية الكبرى تضم لاعبين لا يعرفون القراءة والكتابة، ولا يوجد داع لذكر أمثلة أعرفها جيداً، مع الإشارة إلى أن استمرار الدراسة أحد أسباب زيادة الاطلاع والمعرفة وليس هو لوحده.
أعي تماماً أن الأندية لديها من الاهتمامات والأولويات ما يعيقها عن الاهتمام بالتحصيل الدراسي للاعبين، ولكن ربما أن لجنة الاحتراف تسهم بشكل أو بآخر في وضع شروطها التي تربط الدخل بالمؤهل الدراسي، خصوصاً أن الكثير من اللاعبين يتعرضون إلى وضع سيئ اجتماعياً في حال توقفهم على اللعب، وصعوبة إمكانية الحصول على وظيفة أخرى حينها في ظل المؤهل الدراسي المتواضع، لذا جيد أن يتم العمل من الآن على إجبار كافة اللاعبين بما فيهم المحترفين على استكمال دراستهم بحيث نصل إلى مرحلة لا يوجد فيها لاعب يحمل الشهادة الابتدائية أو المتوسطة أو حتى الثانوية.
كل الأحرف أعلاه من الممكن وصفها بأنها دعوة لمحاربة "أمية اللاعبين" مع السماح لهم بترديد عبارات: "ثنتين" أو "يب.. يب" في حفلات تخرجهم مستقبلاً وبحضور فنان الحفلات الأول عربياً أبوصقر.