لازال توقيت عزف السلام الوطني قبل كل مواجهة للمنتخب القطري بجميع فئاته مثيراً للحرج لبعض اللاعبين المجنسين، خصوصاً وهم يلتزمون الصمت فيما بقية زملائهم يرددونه بحماسة بالغة، آخر مسلسل الإحراج المستمر كان في مواجهة المنتخبين السعودي والقطري الأخيرة قبل أيام ضمن منافسات غرب آسيا.
التجنيس بحد ذاته لم يعد أمراً سيئاً في عالم كرة القدم بل هو مطلب أحياناً لكن افتقاد بعض اللاعبين للغة البلد الجديد أو عاداته تسهم في إحراجهم.
مثلاً أنتظر البرازيلي كوستا هداف الدوري الإسباني حالياً مع فريقه أتليتكو مدريد 6 سنوات ليحصل على الجنسية الإسبانية منذ قدومه إلى مدريد في 2007، وسمحت له هذه الفترة في تعلم اللغة الإسبانية إضافة إلى عادات البلاد بشكل واضح، ودفعت المستويات المذهلة التي يقدمها الموسم الجاري مدرب المنتخب الإسباني للتصريح بإمكانية ضمه للقائمة.
هذه الحالة لا تتواجد فقط في “متصدر” المنتخبات العالمية، فمثلاً بالعودة إلى أمم أوروبا الأخيرة في 2012 إذ لم تخل قائمة المنتخبات المشاركة من مجموعة لاعبين مجنسين، باستثناء اليونان والتشيك، فيما توجد منتخبات تضم بين صفوفها لاعباً أو اثنين مثل البرتغال التي تضم المدافع بيبي صاحب الأصول البرازيلية، كما يوجد في صفوف “الطليان” لاعب من أصول غانية وهو بالوتيلي.
وفي هولندا يوجد خالد بلحروز وإبراهيم افيلاي من أصول مغربية بالإضافة إلى نجمها شنايدر المولود في مدينة أوتريخت الألمانية.
المفارقة العجيبة التي تستحق التوقف طويلاً أن النسخة الأخيرة من أمم أوروبا ضمت منتخبات قائمتها بالكامل تضم لاعبين مجنسين، حيث دخل المنتخب الفرنسي المنافسة ب10 لاعبين مجنسين، فيما تفوقت ألمانيا بـ11 لاعباً، ولك أن تتخيل أن ايفرا نجم مانشستر يونايتد سنغالي الأصل، سمير نصرى نجم مانشستر سيتى جزائري، وكذلك نجم الريال كريم بنزيما، عادل رامى نجم فالنسيا مغربي، حاتم بن عرفة نجم نيوكاسل تونسي، وغيرهم.
أما في ألمانيا فتصدّر قائمة المجنسين مسعود أوزيل نجم آرسنال حالياً وهو تركي الأصل، سامى خضيرة نجم الريال تونسي، بودولسكى نجم بايرن بولندي، وكذلك مواطنه ميروسلاف كلوزه.
جميع هؤلاء اللاعبين السابقين لم يكن تجنيسهم نتيجة قرار تم اتخاذه خلال أشهر بل بعد سنوات طويلة ربما كان أحد أهم شروطها الإقامة في البلاد لمدة لاتقل عن خمس سنوات، وهو ما يتيح لهم تعلم اللغة والعادات، وكل ما يتعلق بتاريخ البلد الجديد، وهي التجربة التي لم تنجح في تطبيقها قطر وربما البحرين.
ولعل تفكير الاتحاد السعودي لكرة القدم بالسماح للمواليد والمقيمين في المشاركة في دوري الدرجة الأولى والثانية والدرجات السنية بداية من الموسم المقبل خطوة صحيحة تماماً لاعتبارات مختلفة المستفيد منها في المقام الأول رياضة الوطن.
إجمالاً كرة القدم صناعة، وهذه الصناعة تحتاج المزيد من المرونة والتنازلات التي لاتسهم في إرباك النسيج الاجتماعي بل تعززه وتفيده، ولكنها تحتاج وعي مسؤول واستيعاب مجتمع فقط.