أعلنت مجموعة "سامبا" المالية قبل أيام قليلة توقيع شراكة مع نادي برشلونة الإسباني لمدة ثلاثة أعوام من دون الإفصاح عن تفاصيل وقيمة هذه الشراكة، وبعدها أعلنت شركة الاتصالات السعودية تجديد شراكاتها مع نادييّ ريال مدريد الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي لخمسة أعوام مقبلة، وسط حرص على سرية أرقام الصفقة. هذه التحركات الاستثمارية بين جهات سعودية وأندية عالمية تأتي في وقت تئن فيه الأندية المحلية من انسحاب شركة الاتصالات السعودية من السوق الرياضي، وعدم استمرار علاقتها مع 4 أندية على مدى 5 سنوات مضت، وإحجام آخرين عن الدخول فيه، وبالتالي يكشف بجلاء حرص هذه الشركات على "فلاشات دولية" في ظل ضخامة موازناتها الإعلانية المخصصة والتي لايعود نفعها بأي حال من الأحوال على الوطن وشبابه ولا عجائزه حتى وسط أرباح سنوية عالية جداً تتضاعف في كل عام. أتفهم لو رعت شركة الاتصالات السعودية ناد في الكويت أو في إندونيسيا أو الهند أو في ماليزيا وكذلك تركيا أو حتى جنوب إفريقيا حيث تتواجد شركاتها وبمسمياتها المختلفة لكنها ذهبت بعيداً طمعاً في فلاشات أكثر وعلى مستوى دولي في تجاهل صارخ للسوق السعودي المستهدف في المقام الأول والذي من خلاله يتم تحقيق الأرباح الضخمة سنوياً لكن ما حدث هو التوجه نحو سوق إسباني وإنجليزي لا يتم فيه تقديم خدمة واحدة للمستهلكين لكنه يضمن لكبار الشركة التصوير مع نجوم الريال والمان يونايتد، والاجتماع بقياداتهما. تعمدت الإعراض عن موبايلي وشراكتها مع برشلونة الإسباني لأنها شركة غير سعودية ولها توجهاتها المختلفة ورغم ذلك لاتزال تتواجد في السوق السعودي عبر شراكتها مع نادي الهلال لكن العتب على الشركات السعودية التي تمتلك الدولة جزءاً كبيراً من حصصها إضافة إلى حصص المواطنين، ويذهب خيرها لغيرنا. كنت ولازلت أرى أن البنوك والشركات الكبرى لن تجد في أي مكان في العالم مناخاً مناسباً لتحقيق الأرباح الضخمة في ظل قائمة من التسهيلات الحكومية التي تجدها هنا، وتحديداً في غياب الضرائب التي تشكل عبئاً كبيراً على الشركات عامة، ورغم ذلك تتجاهل هذه الشركات رد الجميل للوطن عبر أكثر من وجه، ولعل الوقت بات مناسباً لإقرار تنظيم إجباري للمسؤولية الاجتماعية يكون عوضاً عن فرض الضريبة المباشرة، ويُترك للشركات حرية اختيار الطريقة التي تراها مناسبة لبرامج المسؤولية الاجتماعية سواء في برامج عامة أو في أخرى خاصة للرياضة والشباب، ولعل الأخيرة فيها من أوجه الاستفادة الشيء الكثير خصوصاً في الجانب التسويقي الذي يُحقق انتشاراً يفوق أحياناً وسائل الإعلام الأخرى لكنه الوعي وأحياناً التجاهل والنظرة الدونية التي لاتزل تعاني منها الرياضة لدى أصحاب القرار في هذه الشركات الكبيرة. أخيراً بعض القرارات الجريئة تحتاج إلى الإعلان المباشر من دون انتظار، أو طرحها كبالونة اختبار، ومن ثم مراقبة ردود الأفعال، وفي النهاية إقرارها. أندية رياضية عدة قريبة من الإفلاس وسط صمت حكومي غير مبرر ربما ينذر بكارثة رياضية جديدة، ورياضتنا لم تعد تحتمل أكثر.