سيء جداً أن تتكئ على تاريخك فقط، فيما حاضرك ممتلئ بالإخفاقات التي تنوء بحملها الجبال على الرغم من أنك تستحق الأفضل. ما أن نتذكر الأولمبياد حتى يبرز عام 2000 في سيدني الذي كان آنذاك مسرحاً لأول إنجاز سعودي تاريخي تمثل في تحقيقنا لميداليتين فضية وبرونزية، وهي المشاركة الأبرز طوال مشاركاتنا الأولمبية التي بدأت منذ أكثر من عقدين. أسوق هذه المقدمة مع بداية انتخابات الاتحادات الرياضية، وهي التي تسبق الأولمبياد المقبل في البرازيل الذي سيقام بعد 3 أعوام من الآن، هذه الانتخابات التي يؤمل عليها الكثير من المهتمين في إعادة تشكيل الاتحادات الرياضية وفق أسس رياضية بحتة، بعيداً عن الحسابات الشخصية، وتحالفات الأهل والأصدقاء والميول. مشكلة اتحاداتنا الرياضية طوال السنين التي مضت أنها أهملت التخصص، وتجاهلت أبناء كل لعبة، تحولت الاتحادات إلى ساحات كبيرة لتصفية الحسابات، والتمسك بالكراسي، والحرص على رحلات مدفوعة الثمن من دون تقديم منجزات تتفاخر بها رياضة الوطن، بل هناك من الألعاب ما تم قتلها في المهد لأنها لا تعجب المسؤول أو تحتاج لميزانية كبيرة. فتشوا عن الاتحادات التي تملك رؤية واضحة لصناعة أبطال أولمبيين، عودوا بالذاكرة إلى تجارب نفاخر بها وصّدرناها للآخرين، من الاتحاد الذي نشعر أنه يتميز عن نظرائه تخطيطاً وعملاً ومنجزات. أعتقد أن الانتخابات الحالية عبارة عن فرصة تاريخية لإعادة إعمار الألعاب المختلفة التي تعاني بل تحتضر أو بمعنى أكثر دقة تمر بحالة موت سريري، دليل ذلك غياب العمل، وبالتالي غياب المنجز. بعض الدول ممن تقل عن رياضة السعودية تاريخاً وريادة ودعماً نجحت في تحقيق منجزات كبرى، وقدمت قائمة فاخرة من النجوم الأولمبيين في أكثر من نسخة أولمبية، عبر برامج إعداد مصممة باحترافية، ويحتاج تنفيذها لسنوات طويلة لكن المنتج في النهاية بطل أولمبي ينافس في لعبته لأعوام طويلة. الآن توجد أكثر من مبادرة محلية بالإمكان دمجها مع بعض في مشروع حقيقي ووطني شامل يضمن الاستفادة الكاملة من إمكانات هذه المبادرات، ولعل تحركات وزارة التربية والتعليم ورصدها لموازنات ضخمة لتطوير الرياضة المدرسية ربما ينسجم من مشروع الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، وقبلها النظر في إيجاد نظام محلي يسمح بقبول الطلاب المميزين رياضياً في الجامعات بعيداً عن شروط القبول العامة، أو تسجيلهم في الجامعات الدولية المتميزة رياضياً، وبالتالي توفير بيئة محلية ودولية تسهم في صقل المواهب بما ينسجم مع توجه واهتمامات الاتحادات الرياضية التي يتبقى دورها في المتابعة، وتنظيم المسابقات، وإقامة المعسكرات فضلاً عن اختيار الأجهزة الإدارية والفنية المميزة. إجمالاً آن الأوان أن تعود الاتحادات الرياضية سيرتها الأولى، وأن نجد لاعب كرة السلة ممن يملك فكراً وتجربة عضواً في اتحاد لعبته، وهذا التوجه ينطبق على بقية الاتحادات بدلاً من أن نرى لاعب كرة التنس السابق مثلاً عضواً في اتحاد كرة الطائرة أو اليد، وحينها سنردد جميعاً: “يا ليل ما أطولك”.