في مشهدنا الرياضي يوجد منذ سنوات مزاد على لقب أكثر الجماهير دعماً لناديها، والحقيقية أن الدعم الحقيقي في جميع الأندية غائب حتى في أدق التفاصيل الصغيرة، إذ بات لدى بعض الجماهير تصور أن المشاركة في التصويت لبعض الاستفتاءات أو التوجه للمطارات واستقبال اللاعبين أو حضور بعض التدريبات يمثل الدعم الذي لايضاهى، وأن هذا هو دور المشجع المخلص. في أوروبا أو حتى في بعض الدول المهووسة بكرة القدم، الحضور للملعب في كل مواجهة بات أمراً اعتيادياً بعيداً عن مستويات الفريق أو نتائجه، حتى أن بعض الفرق باعت كافة تذاكرها للموسم المقبل كاملة، في علاقة تفسر وجود وعي بكيفية التعبير عن الولاء والانتماء بشكل حقيقي لامزايدة فيه، الأمر الأهم أنك تجد أن هذه الجماهير تتعامل مع عضوية النادي على أنها أمر طبيعي ومن المعيب مناقشته، إذ كيف أتفاخر بالانتماء لناد وأنا لا أملك عضويته؟ هل يحق لي انتقاده أو المطالبة بتغييرات فنية أو إدارية أو حتى على مستوى رئيس النادي وأنا حتى الحد الأدنى من حقوق الانتماء لا أملكه؟ لذلك لاتحتاج الأندية إلى دعم أعضاء شرفها بل لايوجد لديهم ما يسمى “عضو شرف”، الجماهير هي التي تدعم ناديها، وتمارس دورها الحقيقي الفاعل بالإضافة إلى عقود الرعاية التي تنهمر على هذه الأندية نظير جماهيريتها، وتأثير هذه الجماهير وتفاعلهم المثمر. لاتزال قناعتي راسخة أن التفاعل الجماهيري محليا مع كل خطوة من شأنها توفير موارد مالية إضافية هو تفاعل خجول وشحيح ولايكاد يذكر، مجرد النظر في قوائم عضوية الأندية، والتدقيق في الأعداد الموجودة أمر معيب جداً في أندية نصفها بالجماهيرية لكن قدرها أن جماهيرها بالانتساب فقط. المفارقة المضحكة المبكية أنه لا يوجد لدينا ناد واحد عدد من يحملون بطاقة عضويته يصل إلى 1000 عضو، في تجاهل مشترك بين الأندية وجماهيرها لمورد مالي هام جداً لايقل أهمية عن عقود الرعاية والنقل التلفزيوني، ولعل تجربة النادي الأهلي المصري الذي يملك 400 ألف عضو يدعمونه سنوياً ب120 مليون جنيه مصري (70 مليون ريال) تستحق التعميم ولو على مستويات أقل، المهم البدء في تغيير هذا الواقع المتواضع. فتشوا في عدد المشتركين في جوالات الأندية، أو حتى في حسابات الأندية على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من مجانيتها لكن يعاب عليها التشتت، وظهور أكثر من حساب بالاسم ذاته، وهو ما يتسبب في منح صورة غير واضحة للمحاولات التسويقية، وهي عملية تؤكد غياب الرؤية لدى إدارات الأندية في جزئية هامة تختص بالأرقام التي تشرف عليها الأندية لوحدها. إجمالاً جميع الأفكار الاستثمارية تحتاج تفاعلاً من قبل الجماهير وإدارات الأندية بدلاً من تركها عرضة للاجتهادات، وترديد عبارات عاطفية لاتنعكس إيجابياً على خزائن الأندية التي تشكو بل وصل بعضها إلى مرحلة الإفلاس حتى ولو لم تعلن ذلك رسمياً.