كنت ولا زلت أتساءل كيف لوسطنا الرياضي الذي لا يعرف الأحرف الأبجدية للغة الانتخابات أن يتحدثها بطلاقة مستقبلاً؟ أقول ذلك بعد موقعة كوالالمبور التي شهدت تولي الزحف لممثلنا السعودي، في تصرف أكد عدم وجود منهجية واضحة ومحددة وذكية لدى القيادة الرياضية في سباق الترشح لمنصب رئيس الاتحاد الآسيوي. كنت أستطيع تفهم "المصطلح التوافقي" لو خرجنا بأقل المكاسب من نتائج هذه الانتخابات، لكن الحقيقية أن تفرغنا فقط لعد خسائرنا. قبل سنوات قريبة جداً شهدت الرئاسة العامة لرعاية الشباب تطبيق أول انتخابات في الاتحادات الرياضية حتى وإن كانت منقوصة لكنها تجربة أسست لأفق مستقبلي جيد، قبل أن يتكرر ذلك في الاتحاد السعودي لكرة القدم والذي أعتقد أنه من أجمل التجارب التي نسعد بها، ونتمى استمرارها في بقية الاتحادات بشكل فعلي وحقيقي. لكن هذا التوجه لا يحوم إلا حول حِمى الاتحادات الرياضية فقط، وبعيداً كل البعد عن الأندية الرياضية التي أعتقد أنها هي الأساس، وهي التي تشكل الشريحة الكبرى في منظومة الرياضة لدينا، وحتى التجارب التي تم تطبيقها في بعض الأندية كانت بطريقة خجولة أو بمعنى آخر بطريقة مسيئة جداً لواقع هذه الأندية فمثلاً من شارك في انتخابات نادي الاتحاد قبل عامين وصلوا إلى 83 شخصا، وأندية أخرى في الوحدة والقادسية لم يتجاوزوا الرقم أعلاه، في اختزال مسيئ لواقع الأندية وجماهيريتها في أشخاص عدة. أقول ذلك عن الأندية التي مارست الانتخابات فعلياً فيما أندية أخرى تنعم بقرارات التكليف والتزكية في تهميش حقيقي وفعلي لحق الجماهير في اختيار من تراه كفء لقيادة أنديتها بدلاً من فرضها عليه بشكل أو بآخر. نادي بايرن ميونيخ الألماني العام الماضي نجح في القفز على نادي برشلونة الإسباني ليحتل وصافة أكثر الأندية العالمية الذين يملكون عضوية سارية المفعول، إذ بلغ عدد أعضائه 185 ألف عضو فيما يملك برشلونة 170 ألف عضو، فيما يتصدر بنفيكا البرتغالي القائمة بوجود 224 ألف عضو في سجلاته. هذه الأرقام الضخمة هي التي تختار من يرأس ناديها، وهي التي توفر لأنديتها دعماً مالياً ضخماً بشكل سنوي نظير دفع الرسوم، فمثلاً لكي تكون عضوا في برشلونة تحتاج لدفع 166 يورو سنوياً ـ ما يعادل 920 ريالا ـ، وبمعنى آخر يوفر 170 ألف عضو في برشلونة ما قيمته 28 مليون يورو سنوياً. أعترف أنني أحلم على المستوى المحلي، لكن ما المانع أن يكون لدى بعض أنديتنا الجماهيرية 30 أو 40 ألف عضو يدفع الرسوم السنوية المقررة بـ300 ريال سنوياً، ليوفر لخزانة ناديه قرابة العشرة ملايين ريال أو تزيد. الجدوى من الاشتراك في عضوية النادي لن تتحقق بدون منح هذه العضوية قائمة من الامتيازات المختلفة، ولعل من أهمها المشاركة في اتخاذ القرار عبر تفعيل حقيقي للجمعيات العمومية المعطلة عمداً. كلي أمل أن يصدر قرار تاريخي بحل جميع مجالس إدارات الأندية، والدعوة لانتخابات غير عادية، وتعطى الجماهير فرصة للاشتراك في عضوية النادي، واستثنائها من شرط مرور العام على حمل العضوية، وبعدها ليتم تقييم التجربة التي أتفاءل كثيراً بنجاحها في حال تم العمل عليها بشكل أكثر احترافية والتزاماً.