تقول الروائية الشهيرة أحلام مستغانمي: "كن خائناً بجدارة أو كمن به مس من وفاء". الأسبوع الماضي كان حجم الوفاء في المشهد الكروي المحلي وافراً، وأعتقد أن هذا ما نحتاجه، البداية من المدرب التونسي فتحي الجبال الذي لم ينس كل من وقف معه في مسيرته التدريبية الماضية، السفارة التونسية أقامت حفلاً تكريمياً في مقرها للجبالي الذي وّجه دعوة لجميع طاقمه التدريبي والذي ضم مساعديه التونسيين والمدرب الوطني فيصل سيف، خلاف جملة من الأسماء التي عمل معها في سدوس، ومجموعة من أصدقائه الرياضيين الذين أحب أن يشاركوه فرحته ومنجزه المتفرد، في درس وفاء راق جداً لا يمارس إلا الأوفياء. شركة "ركاء" الراعية لدوري الدرجة الأولى كانت لها وقفة وفيّة أيضاً عبر مقترح إقامة مباراة خيرية بين فريق الفتح بطل دوري زين، ومنتخب دوري "ركاء" يذهب ريعها إلى أسرة قائد فريق الرياض السابق فهد الحمدان الذي وافته المنية قبل أسبوعين، وعلى ذكر نادي الرياض شهد مقره الخميس الماضي في آخر مواجهة في دوري الأولى بين الرياض وسدوس ممارسة وفية، إذ شهدت مدرجات الفريق كثافة جماهيرية غير مسبوقة من المتعاطفين مع النادي لكن الجزئية التي كان الوفاء فيها حاضراً كانت في لوحة كبيرة توسطت المدرجات حملت صور الثلاثي الذي غيّبهم الموت وهم عضو شرف نادي الرياض والإعلامي الشهير سليمان العيسى، ورئيس النادي الأسبق الأمير فيصل بن عبدالله، وأخيراً قائد الفريق التاريخي فهد الحمدان، رحمهم الله جميعاً. أعتقد أن مجتمعنا الرياضي يحتاج إلى تصدير مثل هذه الممارسات خصوصاً الفردية التي لا علاقة لها بالجهات الرياضية الرسمية التي فشلت فشلاً ذريعاً في إطلاق مبادرات من هذا النوع، وحتى صندوق الوفاء الرياضي الذي تم الإعلان عنه منذ عام تقريباً يبدو أنه لا يحمل من اسمه نصيب، في ظل وجود أكثر من حالة ظهرت على السطح بعد إقراره من دون أن يكون له تحرك حيالها، خلاف الصندوق الرياضي الذي لا أحد يعلم عن مصروفاته على الرغم من ضخامة إيراداته، وحديث تكرر أكثر من مرة على أن جزء منه يتم تخصيصه للاعبين المحتاجين ومن في حكمهم من منسوبي الوسط الرياضي لكن ذلك لم يحدث. المبادرات الإيجابية لا تحتاج إلا لسلامة نوايا، وصدق رغبات، وطمع في ما عند الله، ولعل الحديث حول وجود مبادرة من وكيل التعاقدات الكويتي عبدالله حمدان لإقامة مواجهة خيرية بين "أصدقاء نور" و"أصدقاء ياسر" يعود ريعها لجمعية مكافحة السرطان خطوة في تكريس الوفاء وقبله العمل الخيري الشحيح في الوسط الرياضي. إجمالاً أعتقد أن الوقت بات مناسباً لتفعيل الدور الاجتماعي داخل الأندية والذي علاه الغبار لسنوات طويلة، وهو أحد الأدوار المهمة التي على الأندية الرياضية القيام بها، بدلاً من احتضان شعار النادي لهذه العبارة لتزيين الشعار فقط، خصوصاً أن الوفاء ممارسة وليس شعارات ونحن تحديداً في الوسط الرياضي شبعنا شعارات.