قدر الطامحين أنهم ينالون ما كانوا يطمحون له حتى ولو بعد حين، لذلك قيل: “إذا كنت تملك الرؤية فأنت تملك الحلم، مسيرو نادي الفتح لديهم ذلك، ومنذ فترة طويلة بدليل التسلسل المنطقي والنتائجي لمسيرة الفريق. قبل عامين كان أول منعطف في مشهد دخول معترك التنافس مع الكبار، وشهد أول حالة تعاطف رياضي مع الفتح بعد مواجهة هامة ومصيرية أمام فريق الشباب في مسابقة نصف نهائي كأس الأمير فيصل بن فهد، في حادثة الحكام الشهيرة التي ذهب ضحيتها الفريق، وتوزع دمها بين كلمتيّ “سمعت” و”ما سمعت”. الموسم الماضي تكرر هذا التعاطف بعد خروج الفتح غير المستحق من نصف نهائي كأس الملك للأبطال أمام النصر، وحقق الفريق المرتبة الثالثة بعد تجاوزه الهلال. وقبلها كان المركز الخامس في “دوري زين” متقدماً على الاتحاد والنصر في ترتيب الفرق خطوة تاريخية تنبئ بمرحلة أكثر أهمية، وقفزة كبيرة في تضاعف الطموحات. الموسم الجاري كان منذ بدايته لا يشير إلى توجه الفتح نحو تحقيق لقب الدوري، كل ما حدث أن الفريق اسمه يتصدر قائمة الترتيب منذ البداية، وأسبوع مع أسبوع بدأ الفريق يكتسب الثقة، وتجاوز مرحلة التعاطف إلى التنافس. أنهى الفتح الدور الأول متصدراً في سابقة تاريخية، وهو التوقيت الذي بدأت فيه الأحساء تتصدر المشهد الرياضي عبر فارسها، وعن طريق منظومة فنية وإدارية وشرفية وجماهيرية ونوعية قتالية من اللاعبين المحليين والأجانب قدموا مصطلح “الفريق العائلي”. حتى والفريق يتصدر الدوري لم يصرح أحد من منسوبيه أن اللقب هو الطموح وأنه الهدف، كانوا متفرغين للفوز ولا شيء سواه. الفريق خسر قبل نهاية الدوري بست جولات للمرة الأولى أمام الشباب، هذه الخسارة هي التي غيّرت لهجة أبناء الأحساء. في غرفة الملابس لم يجد مدرب الفريق التونسي فتحي الجبال بعد الخسارة، وهو يتفحص وجوه اللاعبين الحزينة إلا قول كلمة قصيرة جداً مفادها: “الوجوه الحزينة من خسارة وحيدة في الدوري وهي التي لم تكن مطالبة بتحقيق الدوري لن يرضيها ويرضي جماهيرها إلا تحقيق الدوري، الآن أنتم مطالبون بتحقيق الدوري”. وانصرف تاركاً في نفوس اللاعبين أرواحاً تتوقد فيها الحماسة والرغبة لتحقيق الدوري ولا غيره، وهو ما تحقق في النهاية. الفتح فتح الله عليه، وحقق الحلم، وقدم نفسه كأحد الكبار الذي دخلوا من الباب الكبير، جملة من الفوائد التي قدمها هذا الفريق “الإحسائي” لكافة الفرق الرياضية الأخرى، ويكفيه الحب والإنصاف والإمتاع الذي تفرد به عن سواه. إجمالاً من حق الفتح ومسيريه وأنصاره وحتى المتعاطفين معه أن يتباهوا بتجربة هذا الفريق الطموح الذي بات المتحدث الرسمي للحلم، وأنا على يقين أنه يملك الكثير ليقدمه خلال الأعوام الأخرى، وتحقيقه للدوري مجرد بداية لقصة لن تنتهي فصولها.