يقول أحدهم: "الصمت الفصيح بلاغة كبرى"، ويبدو أن هذا الشعار هو ما اختارته الإدارة النصراوية، لذا توجهت بوصلتها نحو العمل ولاشيء سواه، وهو ما أثمر نتائجاً ومستويات إيجابية بالإمكان تصنيفها على أنها الأفضل خلال الأعوام الأخيرة، بدليل وصول الفريق إلى نهائي كأس ولي العهد بعد غياب طويل، والتواجد ضمن رباعي مقدمة الدوري حتى الآن، كما أنه يستطيع المُضي فيه أكثر إلى الأمام خلاف منافسته على كأسي الاتحاد العربي والملك. المشهد النصراوي منذ بداية الموسم الجاري تميز بالهدوء، وهو ما انعكس إيجاباً على نتائج الفريق خصوصاً بعد فك الارتباط مع المدرب الكولومبي ماتورانا، والتعاقد مع خلفه الأورغوياني كارينيو الذي أضاف للفريق الكثير من أناقته ولباقته. ما حدث في البيت النصراوي يؤكد أن الصمت لايجلب الندم أبداً، بل سيكون منطلقاً هاماً للتفكير بهدوء، ويوفر أجواء جيدة لصناعة القرار بدون ضغوطات، ويسهم في تحقيق خيارات إيجابية ربما لاتتوفر في حال غياب جميع المعطيات السابقة. إدارة النصر بأضلاع مثلثها الأهم الرئيس الأمير فيصل بن تركي ونائبه العميد فهد المشيقح، والأمين علي حمدان ربما تحملوا المسؤولية كاملة منذ بداية الموسم، وتجاوزا أزمة تخلي أعضاء الشرف الداعمين عن دورهم، وساروا بالسفينة النصراوية إلى بر الأمان على الأقل حتى الآن في الناحية الإدارية. أما فنياً فيبدو أن علاقة المدرب المميزة باللاعبين انعكست ميدانياً على علاقتهم ببعضهم، وبالتالي تحققت انتصارات كبيرة مقرونة بمستويات مميزة. الكثير من المتابعين يصف التحسن في نتائج ومستويات النصر بأنها مجرد بداية عودة فقط، وهي كذلك بالطبع، والحقيقة أن الفريق وضع قدماً في طريق التصحيح، ويحتاج لتحقيق بطولة لكي يعود بقوة إلى المشهد البطولي الذي يرضي أنصاره الذين تجاوزوا مرحلة الفرح على تحقيق 3 نقاط أو احتلال مركز متقدم، وباتت طموحاتهم مشروعة في المنافسة على البطولات وتحقيقها أسوة بمنافسيهم. في النصر حالياً أكثر من ملف يحتاج إلى إنهاء في ظل اقتراب الفريق من مراحل الحسم، ولعل في مقدمة هذه الملفات التجديد مع المدرب كارينيو الذي نجح في كسب ثقة الجماهير، ومحبة اللاعبين، وقناعة الوسط الرياضي بأكمله، تدعمه في ذلك النتائج والمستويات، والقبول الكبير الذي يحظى به. كما أن موضوع فصل اللاعبين عن الإشكالات التي يتعرض لها النادي أو الفريق بشكل عام من أهم الجزئيات التي من الجيد العمل عليها من الآن، والسعي لعدم إدخالهم في قضايا فرعية تسهم في تشتيت أذهانهم، وإبعادهم عن طموحاتهم الكبرى غير المفروشة بالورود. إجمالاً الفترة الأخيرة تشهد تشّكل ملامح العودة النصراوية لكنها بحاجة لدفع مهر غال جداً يتمثل في توفير ميزانية ضخمة تضمن عدم التعثر في دفع المرتبات الشهرية، وكذلك تدعيم الفريق بلاعبين محليين في الصيف، خلاف استبدال نصف المحترفين غير السعوديين. الأكيد أن النصر بدأ يستفيق، وهو يحتاج عودة محبيه وداعميه وجماهيره، وبدون هذا المثلث سيصعب تقدم القافلة "الصفراء" الجامحة أكثر وأكثر، وربما أن عودة كبير مع نظرائه تسهم في إعادة الكرة السعودية إلى الواجهة مجدداً، وهو ما سيتحقق بحول الله لأننا بكل بساطة "أسياد آسيا"، ويجب أن تعود هذه السيادة.