دورة الخليج هي المسابقة الرياضية الوحيدة في العالم التي تشرح عملياً عبارة “الشيوخ أبخص” التي لايعرفها إلا الجمهور الخليجي فقط، إضافة إلى ممارسة “حب الخشوم” التي نتميز بها عن الآخرين، وباتت علامة بارزة لكيفية عفو اللاعب عن زميله بعد كل مخاشنة داخل الملعب. هذه الدورة يحسب لها الكثير من الإيجابيات في حقبة تاريخية معينة من علاقة دول الخليج بكرة القدم، وحققت الكثير من الأهداف التي من أجلها أقيمت، لكن في الفترة الحالية بات استمرارها لا يضيف إلا أبعاداً بعيدة كل البعد عن كرة القدم، ولذا فإن كانت الرغبة السياسية الخليجية لا تزال قوية في استمرارها فمهم العمل على إعادة النظر في إقامتها كل عامين في ظل إرباكها لجدول جميع المسابقات المحلية في الدول المشاركة، وسيكون من المفيد أن تقام الدورة كل 4 أعوام أو على أقل تقدير كل 3 أعوام بحيث يقل هذا الإرباك الذي يحدث كل عامين، وكذلك ليشعر الجمهور الخليجي بالشوق لها في ظل تباعدها الزمني نسبياً. كل ما عادت دورة الخليج إلى الواجهة مجدداً أعود بالذاكرة إلى حديث رئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام الرافض لاستمرارها، مشدداً على أنها حققت أهدافها، ولا جدوى من بقائها، واصفاً إياها آنذاك بـ”بطولة الشيوخ”. نتفق على أن أهداف الدورة منذ بدايتها لم تكن رياضية خالصة، وهي أهداف إيجابية وسامية بالتأكيد تحسب لقادة دول الخليج الذين دعموها على مدى 4 عقود، متجاوزين جملة من العقبات التي أعاقت إقامتها في أكثر من مناسبة، أو التي حدثت بشكل طارئ أثناء بعض النسخ الماضية، لكن التوقيت الحالي لم يعد يشفع للدورة بالاستمرار بالشكل ذاته التي كانت عليه في بدايتها أو بعد مرور سنوات طويلة عليها. كل ما عليك الآن هو أخذ جولة سريعة على القنوات الخليجية حالياً لتشاهد أن الدورة تحولت إلى مناسبة إعلامية واجتماعية خالصة، بات التنافس فيها داخل الاستديوهات التلفزيونية والإذاعية وعلى صدر الصفحات المطبوعة أو على المواقع الإلكترونية، والمجمل تواضع في المستويات الفنية ميدانياً، ولم يعد يوجد ما يغري بالمشاهدة في ظل ضعف الإعداد لهذه الدورة، والنظر لها بنوع من الرتابة عند البعض، في حين يراها البعض الآخر مثل طوق نجاة لاتحاداتهم غير المنتجة على مستوى القارة أو دولياً. فتشوا في سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لتجدوا أن جميع المنتخبات المشاركة في الدورة غائبة عن مونديال 2010 في جنوب إفريقيا، ونسبة تواجد منتخب أو منتخبين في مونديال البرازيل المقبل 2014 تبدو ضعيفة بالنظر إلى جدول الترتيب في التصفيات النهائية عن قارة آسيا التي لا يقاتل فيها حالياً سوى قطر والعراق وعمان، والبقية خروج من الأدوار الأولى. والحقيقة الأشد قسوة على واقع الكرة في الخليج أن جميع المنتخبات المشاركة تحتل مراتب متأخرة في تصنيف المنتخبات العالمية، والأفضل هو المنتخب العراقي الذي يحتل المرتبة الــ92 عالمياً، والبقية تجاوزا قائمة المائة. أخيراً إن كان من رغبة لاستمرار الدورة على الرغم من سلبياتها التي تطغى على إيجابياتها حالياً فمهم جعلها متباعدة حتى تكون جرعة العك الكروي كل 4 أو 3 سنوات بدلاً من جعلها كل سنتين لأننا مللنا، وكرتنا تحديداً الأكثر ضرراً من نظيراتها، والدليل الترتيب الــ126 الذي أخشى أن يتراجع أكثر بعد الدورة، وحينها سنردد جميعاً: “صبر جميل والله المستعان على ما يصفون، وسامح الله دورة الخليج”.