يقول الروائي الأورغوياني العالمي إدواردو غاليانو في كتابه الشهير "كرة القدم بين الشمس والظل" عن حارس المرمى: "إنه لا يسجل أهدافاً، بل يقف ليمنع تسجيلها، ولأن الهدف هو عيد كرة القدم فإن مسجل الأهداف يصنع الأفراح، أما حارس المرمى فيحبطها". ربما أنها مصادفة عجيبة وفرصة تاريخية للأخ أحمد عيد الآن بأن ينسى مهمته السابقة تماماً في التصدي للأهداف ويتفرغ لتسجيلها، عليه الآن ممارسة الدور الذي لم يستطع ممارسته طوال 5 عقود مضت، خصوصاً أن فرصته الحالية باتت كبرى لتسجيل أهداف عظمى تخلدها الذاكرة، ويشعر المشهد الرياضي بأكمله تجاهها بالإمتنان. رئاسة الأخ أحمد عيد للاتحاد السعودي لكرة القدم باتت قدراً وواقعاً نراه ولا نسمع به فقط، وهذه الحقيقة تصادفت مع حصول المنتخب السعودي لكرة القدم على المرتبة 126 في تصنيف المنتخبات الدولي الصادر من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وهو التصنيف الأسوأ في تاريخ "الأخضر" طوال أكثر من 5 عقود مضت، وبالتالي نحن أمام مهمة صعبة جداً، وأول المتضررين من هذا التصنيف رئيس الاتحاد السعودي الجديد الذي لا يد له فيه. أثق في قدرة أحمد عيد على الإمساك بيد الاتحاد الكروي الهزيل والنهوض به مجدداً، ولعلها مفارقة عجيبة أن يكون حارس "الأخضر" السعودي في البدايات الكروية الرسمية هو من يقود دفة القيادة في اتحاد الكرة بل يتحول إلى صاحب القرار والحارس الأمين على طموحات جماهير وقطاع كروي هام ينشد العودة إلى الواجهة، ويطالب بما يستحقه، وهي بيئة كروية صالحة للمتابعة فضلاً عن المشاركة، تتوفر فيها عدالة المنافسة، ويُطبق النظام على الجميع دون استثناء، وتسير وفق خطوات احترافية حقيقية. "أبو رضا" وهو المعجون بكرة القدم طوال عقود لاعباً وإدارياً ورئيساً، هو من مارسها حافي القدمين –كما ردد- يتسلم هذا المنصب التاريخي وهو يواجه جبالاً من الصعوبات المادية والإدارية والتنظيمية، يأت إلى هذا المنصب متسلحاً بخبرته وتاريخه وحماسته ودعم المخلصين حوله، لكنه صفر الشمال خلو اليمين، ولا تتوفر لديه موازنة تسهم في سداد المديونيات، وإنهاء جملة من الملفات المعلقة التي من الظلم تحميله وزرها. ولعل ثقافة الانتخابات التي يتم تطبيقها للمرة الأولى في اتحاد الكرة تعلمنا ما فشلت التجارب السابقة في تعلمه، وتجبرنا على احترام رأي الأغلبية، وعلى معرفة أن صندوق الاقتراع الذي أتى برئيس الاتحاد الجديد عن طريقه أيضاً نستطيع أن نعزله ونقوله له عملياً: "شكراً نحتاج غيرك". لذلك نحتاج حالياً أن نتسامى على خلافاتنا، ندع الميول جانباً، نتنازل عن بعض قناعتنا الشخصية في سبيل تحقيق هدف عام، المهم أن تبدأ مهمة إعادة كرتنا إلى الواجهة، من لا يحب أحمد عليه فقط أن يحترمه وأن يتركه يعمل، ليس المطلوب التعلق بالقشور، والدوران في دائرة لا مخرج منها، المهم أن نرفع شعار مصلحة "الوطن أولاً"، أهدرنا الكثير من الوقت والجهد والأموال والدراسات ولم نتقدم خطوة، وربما أن دعم البعض ومساندتهم يكون بالصمت خصوصاً أن الصمت الفصيح بات بلاغة كبرى لكن البعض مُصّر أن يهذي بما لا يدري ونحن وأنت وكرتنا الضحية.