أحترم كثيراً تجربة الأديب والصحفي البيروفي ماريوفارجارس، الذي ردد ذات يوم في أحد حواراته الشهيرة: “الكذب حق من حقوق القاص، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للصحفي”. كم صحفي لدينا يمارسون ذلك؟ وأنا هنا أتكرم بمنح البعض تسمية الصحفيين خصوصاً أن كثيراً منهم لا يتجاوز دوره أو وضعه الحقيقي (مخبر أو مراسل فقط)، في ظل عدم قدرته على تحرير الأخبار وصياغتها وفق القواعد المهنية المتعارف عليها، وباتوا ممن يتعاملون مع الإعلام أو الصحافة تحديداً على أنها “شغل بعد الظهر” كما يردد أحبائي المصريين. لدي قناعة راسخة أن أوراق التوت ستسقط عن الكثير ممن يسيئون لمهنة الصحافة سواء المقروءة أو التلفزيونية أو الإلكترونية من خلال نوعية أخبارهم أو حالات تصدير أسمائهم وقدراتهم للمشهد الرياضي العام، حتى بات الكثير من العاملين في الصحافة الرياضية لا يحظون بقدر كبير من احترام المجتمع في ظل أن كل من هب ودب يدخل الإعلام الرياضي من دون خلفية رياضية أو ممارسة سابقة أو حتى تأهيل مهني، ويردد بكل تعالٍ: “أنا إعلامي رياضي” والإعلام من ممارسته براء، والرياضة بأخلاقياتها وفروسيتها لا تعرف طريقاً إليه. وبعيداً عن المثالية ويشهد عليّ علام ما تخفي الصدور أنني لا أتحدث عن حالة محددة إنما عن ممارسات تتكرر بشكل متواصل، حتى تحول الإعلام الرياضي إلى أضحوكة لدى الآخرين. كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا يمارس الإعلام الرياضي ولا يُحسب عليه إلا الكفؤ المؤهل النزيه الحر القادر على الإثراء وتحقيق الإضافة المعلوماتية، وإبراز ممارسات أخلاقيات المهنة الإعلامية واقعاً، والأخيرة تحديداً تاهت بين إعلامي مؤهله ميوله فقط، وآخر وصل لمناصب إعلامية عليا لأنه من زوار المجالس الخاصة و”الاستراحات”، وآخرون فضلوا القيام بدور هواتف العملة التي أوقف العمل بها منذ زمن طويل، أو باتوا يستمتعون بدور “الأخوياء”. أجزم أن هذه مرحلة تحتاج فقط لمن يعلق الجرس، ويبدأ في إصدار تشريع يمنع دخول أي اسم للمجال الإعلامي ما لم يكن يمتلك الكثير من المقومات المهنية التي يستند إليها، وهذه مهمة المؤسسات الإعلامية التي يجب أن تقوم بهذا الدور، ويكون عندها الحد الأدنى من المسؤولية الاجتماعية بعيداً عن النظرة التسويقية البحتة التي طغت على كل ما له علاقة بأخلاقيات المهنة، ودفعت الكثير لترديد عبارة: “كلام جرايد” في إسقاط سيء على مصداقية الصحافة، وهي التي لا تستحق ما يحدث فيها، الصحافة للأسف مهنة سامية جداً، وفيها جميع عوامل الشغف لكن للأسف هناك من يصر على إفسادها، وتشويه وجهها الجميل، إما لأنها تكشف عيوبه باستمرار، أو لأنها يجب أن تكون بسقف محدد، والمسألة كلها حتى الآن رياضة في رياضة فلماذا الخوف أجل؟