لا صوت يعلو منذ أكثر من أسابيع على صوت قمة العالم الكروية بين برشلونة وريال مدريد التي أقيمت البارحة في ملعب “كامب نو”. “كلاسيكو الكرة الإسبانية” يستحق اهتمام العالم أجمع، وليس الجماهير الإسبانية لوحدها، والدليل الاهتمام الإعلامي والجماهيري المحلي المكثف، و”الرياضية” جزء من هذا الاهتمام بدلالة حجم التغطية المكثف الملحوظ في عددي أمس واليوم. أجزم أن المرحلة التي وصلت إليها هذه المواجهة لم تصلها بين يوم وليلة، وإنما نتيجة تراكم تنافسي كبير استمر على مدى عقود طويلة، وأسفر في النهاية هذا “الكلاسيكو الألماسي” الذي لا يتوفر إلا في مواجهات البرشا والريال. مشكلة الكثير من الجيل الجديد المتابع للكرة العالمية أنهم لم يعرفوا مدى التنافس بين هذين الفريقين إلا قبل عدة سنوات قليلة بسبب النقل المباشر لمواجهاتهما، ساعد في ذلك انخفاض مستوى الكرة المحلية منذ سنوات طويلة. أعتقد أنه لم يعد جديداً تأكيدي المستمر على عشقي الشديد لبرشلونة، هذا العشق الذي بدأ منذ نهاية التسعينيات تقريباً، واستمر حتى الآن، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمتعة الأرجنتيني ميسي الذي أصبح وسيلة جذب للكثير من الجماهير خصوصاً الذين وجدوا في برشلونة المتعة التي ينشدونها، في ظل قائمة طويلة من الأسماء التي قدمت “البرشا” في ثوب مختلف سمح له بالتأنق، ومن الدرجة الفاخرة أيضاً. أكثر ما يميز هذا النادي أنه يمتلك ثقافة مختلفة، لم تستطع كبرى المؤسسات الرياضية، وغيرها الإتيان بمثلها، أو محاكاتها لذلك من الطبيعي أن يكون من أكثر الأندية تجسيداً للصورة الإيجابية في المشهد الرياضي العالمي. أعتقد أنني محظوظ جداً وأنا أميل لناد استطاع التغلب على جملة ظروف اقتصادية وسياسية إلى الحد الذي عانى فيه من حرب أهلية من حاكم مدريد قبل عدة عقود لم تنجح في قتل الحلم “الكتالوني”. ميز هذا النادي الذي ارتدى قميصه على مدى سنوات طويلة قائمة طويلة من النجوم الفاخرة جداً أمثال الهولندي كرويف، ومواطنه كويمان، ونخبة برازيلية شهيرة بداية من روماريو مروراً برونالدو ومن ثم ريفالدو، وأخيراً وليس آخراً الساحر رونالدينهو، وفي المقابل قائمة أرجنتينية بداية من دييجو مارادونا ونهاية بميسي. لن أوغل في سرد بقية أسماء قدرها الجميل أنها ارتدت القميص البرشلوني، ولكنه “البرشا”، وأعتقد أن هذا يكفي. أرى من الطبيعي أن مواجهة البارحة لن تكون صيداً سهلاً لـ”محاربي كتالونيا” على اعتبار شراسة المنافسة بينه وبين مدريد سواء في صدارة الدوري أو حتى في المسابقات الأخرى. إجمالاً فوز برشلونة إن تحقق فهو مستحق ومعتاد، وتعادله إن حدث فهو متوقع، أما خسارته فأتمنى ألا تكون هي النتيجة، لأن “البرشا” عودنا نفرح، ولا عزاء لزملائي المدريديين.