يقول الرئيس الاشتراكي الشهير فيدل كاسترو: “خيانة لضميري أن أمارس مسؤولية تتطلب حركة والتزاماً تاماً لم أعد أستطيع القيام بهما”. رغم اختلافي الكبير مع توجهات هذا الرجل “التسعيني” الذي أمسك زمام الحكم في كوبا لأكثر من 60 عاماً بنهج اشتراكي خالص في وقت نسي فيه العالم ماهية الاشتراكية إلا أن ذلك لا يمنعنا من أخذ الرؤى الجيدة أو الأفكار الصائبة ممن نختلف معهم، بما فيهم رموز الاشتراكية التي لا نقر منهجها، وعلى رأسهم “الختيار” كاسترو. أعتقد أن المشهد الرياضي المحلي مطالب بأن يرفع الكثير من المنتمين له الشعار أعلاه، ويمارسونه واقعاً بكل تجرد وحرص ومسئولية، خصوصاً أن البعض فيه يفضل البقاء والاستمرار أو تحقيق مكاسب مؤقتة لو على حساب عجلة العمل التي يعطلها تواجده. فتشوا في أسماء رؤساء بعض الأندية الذين يحمل استمرارهم على سدة الرئاسة المزيد من الخيبات والانكسارات، وخلق العداءات، وتضييع مكتسبات لأنصار أنديتهم. هؤلاء يخشون التغيير ويحاربونه، يعادون كل من ينتقدهم، ويسعون لإقصاء كل من يجاهر برغبته في استبدالهم، ويرمون التهم جزافاً لكل من يكشف نقصهم، ولا يمانعون من دفع الأموال في سبيل شراء الأصوات أو تكميمهما إن لزم الأمر. مشكلتهم الكبرى أنهم يدعون أن هدف تواجدهم في الرياضة من أجل خدمة رياضة بلد، والصحيح أنه بهدف زيادة مكاسبهم المادية والاجتماعية، يتحججون بأنهم يدفعون الكثير من جيوبهم الخاصة، متناسين أن النادي منحهم قربا أكثر من القيادات بمختلف تخصصاتها، وبالتالي القدرة على إتمام عدد من مشاريعهم الخاصة. كم عضو مجلس إدارة رضي أن يكون صورياً و”تكملة عدد” في سبيل الحفاظ على علاقته الشخصية مع رئيس النادي، وهو يدرك أنه يجهل أبجديات العمل في إدارات الأندية أو المجال الرياضي بأسره، ولم يعهد عنه أنه دخل ناديه إلا في اجتماعات مجلس الإدارة فقط. فتشوا في أسماء بعض المسئولين في لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم، كم مسئول منهم يعي جيداً أنه لا يحقق أية إضافة لمنظومة العمل ولكنه مستمتع بالـ”برستيج” والفلاشات التي يعتقد أنها مبررة، ووجد أن إدعاءات القرب من القيادة الرياضية سمحت له بالتنظير وممارسة تصدير أطروحات لا تنتمي للواقع أبداً. ابحثوا في أسماء الكثير من العاملين في الوسط الإعلامي الذين دخلوا إليه من أبوابه الخلفية، وتجد في كل برنامج له مداخلة، ويتنقل في الصحف حاملاً مع أعمدته التي لا تحوي فكراً ولا رِأياً بالإمكان الاستفادة منه، وكل همه هو القرب من رئيس النادي الفلاني، أو المسئول الكبير، وحمل بطاقة دخول الملاعب التي تمكنه من حضور المباريات مجاناً، والجلوس منظراً في المجالس الخاصة والاستراحات في سعي لتحقيق مكانة اجتماعية في مجتمع شاب مهووس كروياً. طوال علاقتي بالوسط الرياضي الممتدة على مدى عقدين لم أعهد استقالة رئيس ناد بدون ضغوطات سوى أنه اقتنع أن تواجده لن يضيف أو أن الأجواء الصحية غير متوفرة في أروقة ناديه، وضحى بكل ذلك في سبيل احترام الناس له، والمحافظة على صورته الزاهية ومسيرته الرياضية المجيدة سوى رئيس الأهلي الأسبق الدكتور عبدالرزاق أبو داود قبل عدة سنوات حينما خسر فريقه مواجهة دورية أمام الهلال برباعية، وهي محصلة مشكلات قبلها آنذاك فوجد أن الاستقالة هي الحل، ولذلك أحترم هذا الرجل كثيراً الذي يبدو أنه طبّق وصية كاسترو من دون حتى أن يسمعها لأنه حينها اكتفى بسماع صوت العقل والمنطق والمسئولية فخسر المنصب وكسب احترام الجميع.