في فبراير1976 وكنت طالباً في منتصف دراستي الجامعية لم يمض على دخولي الصحافة أكثر من 6 أشهر منها حوالي 3 كرئيس للقسم الرياضي في صحيفة الرياض قابلني الدكتورعثمان المنيع وأعتقد أنه حضر إلي في الصحيفة وكان وقتها زميلاً ومشرفاً على القسم الرياضي في صحيفة الجزيرة وممن كان له دور في دخولي العمل الصحفي وسألني إذا كان لدي الاستعداد للسفر ضمن وفد إعلامي تم اختياره من جميع الصحف ووسائل الإعلام لمرافقة الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب في جولة شملت آنذاك قطر والعراق ومصر.
كان السؤال مفاجأة لي وأنا الذي لم أتعدى مدينة الرياض إلا إلى الدمام مرة ومثلها إلى جدة ولم أركب الطائرة سوى مرة واحدة إلى الطائف عندما شاركت في معسكر العمل التطوعي الذي أقامته رعاية الشباب صيف 1975 ممثلا لجامعة الرياض (الملك سعود) وهذه الرحلة ستضم مسؤولين كبار وإعلاميين كنت أقرأ لهم فأنا أصغرهم وأحدثهم تجربة لكنني لم أتردد في الموافقة تاركاً الخيارات في داخلي مفتوحة وفق الظروف.
كانت الخطوة الأولى أن أستأذن والدي في أمر كهذا جديد على العائلة ومازلت شاباً في مقتبل العمر ولا أدري كيف ستكون ردة فعله إلا أنه (رحمه الله) وافق دون تردد عندما أدرك نوعية المهمة وأنها ضمن طبيعة العمل خاصة أنها تتوافق مع إجازة منتصف العام الدراسي داعياً لي بالتوفيق وأن (أنتبه لنفسي)
أما العقبة الكبرى فهي في عدم وجود جواز سفر لدي وكان يتطلب وقتها إجراءات روتينية كثيرة فالصورة الشخصية تحتاج 24 ساعة لتخرج من الأستوديو والبحث عن تصوير مستندات لأخذ صورة من حفيظة النفوس وإجراءات الجواز تحتاج لبضعة أيام أقلها يومان في أفضل الأحوال وموعد الرحلة تبقى عليه أقل من ذلك ناهيك من اللبس كالقمصان أوالبناطيل التي لبستها لأول مرة حتى أنني استعرت بدلة من الصديق إبراهيم السمير (رحمه الله) الذي يكبرني قليلا وسبق له السفر هناك.
كانت الجوازات مبنى صغيرا يقع في شارع الوشم غرب المطافئ حاليا عند جسرالمشاة فذهبت إلى الأخ طلال هليل الشلوي الذي يعمل هناك وكان يلعب معنا حارس مرمى في أشبال نادي الاعتماد ومركزه الصيفي ومن أبناء الحارة وطلبت (فزعته) بأن ينهي الجواز بنفس اليوم شارحا له الظروف وبذل جهدا كبيرا شعرت فيما بعد أنني أزعجته وأنا أتابعه وألح عليه والوقت يضغط علينا (وصاحب الحاجة ملحاح) وهو يتنقل بين إدارة وأخرى لدرجة أنه ولحسن الحظ قابلنا الأستاذ صالح السفير نائب مدير عام الجوازات آنذاك (كان مديرها الأستاذ محمد بن غيث) في الدرج خارجاً بعد نهاية الدوام وطلب منه الأخ طلال التوقيع على الجوازشارحا له الظروف فجزاهم الله جميعا كل خير ورحم المتوفى منهم وأمد الآخرين بالصحة والعافية.
كنت بعد موافقة والدي (رحمه الله) قد أخبرت الأستاذ تركي العبدالله السديري رئيس التحرير مستأذنا منه السفر فوافق على ذلك وأمر بصرف 6 آلاف ريال لي مصاريف سفرية رغم تأمين السكن والتنقلات والمعيشة (كانت مكافأتي من الصحيفة 700 ريال) وقال لي:
إذا احتجت لا تطلب من كائن من كان اتصل ولاتتردد أنت تمثل صحيفة الرياض ويجب أن تكون الأفضل ولا أريد أن يكون لأحد فضل عليك.
استمرت الرحلة 12 يوما كانت بالنسبة لي تعادل تجربة وخبرة 12 عاما وهذا له حديث آخر مع الهدف من تلك الرحلة ونتائجها فيما بعد.
والله من وراء القصد،،،