لا يمكن لأي عقلاني ومنصف أن يقلل من فوزالنصر بكأس سمو ولي العهد وأحقيته به ولا يمكن له أيضا أن يقلل من جدارة النصر بصدارة الدوري حتى الآن بل وأحقيته ببطولته.
ولا يحق لكائن من كان أن يصادر فرحة النصراويين بهذا التفوق وبما تحقق لهم هذا الموسم فقد فرح غيرهم وجاء دورهم ليفرحوا وسيفرح آخرون غدا وهذه سنة الحياة لكن المهم أننا عندما نفرح يجب أن نعرف كيف نفرح وما هي حدود هذا الفرح؟
ولا يمكن لأي نصراوي عاقل ومنصف أن يرضى بأن يكون فرحهم على حساب الآخرين أو أن ينجرف وراء التعصب على حساب القيم والمثاليات وأعتقد بل أجزم أن هذا حال كل الأندية لدينا والمنتمين إليها.
السبت الماضي كتبت هنا عن الطفل الهلالي"يزيد" وحالته من البكاء الهستيري والتشنج إثر خسارة فريقه من النصر في نهائي كأس ولي العهد منتقدا هذه الحالة في مثل هذه المرحلة العمرية وأسبابها وبالأمس حدث ما هو أدهى وأمر وأكثر خطورة فإذا كانت حالة "يزيد" فردية رغم عدم إقرارها فإن حالة صاحبنا أكثر تأثيرا وأبعد أثرا على مستوى المجتمع.
مقطع فيديو مدته نصف دقيقة بالتمام والكمال أكد مقولة التربويين أن ما تبنيه التربية في أعوام يهدمه الإعلام في ثوان حيث ظهر معلم تربية بدنية في طابورالصباح لطلبة مرحلة إبتدائية يهنئهم بفوزالنصر بكأس ولي العهد ويطالبهم بأن يرددوا معه بأعلى صوت (نصراوي .. لا تكلمني) ضاربا بكل القيم التربوية عرض الحائط ومؤكدا محدودية ثقافته وفهمه حتى في العلاقات الاجتماعية (لاتكلمني) بمعانيها ومضامينها الأبعد من الكروية وبدلا من أن نسمع (سارعي للمجد والعلياء ..) التي تدعو لوحدة الوطن وتماسكه تأتي مثل هذه العبارات التي تزرع التعصب والتناحربين أفراده إذ لوحظ عدم تجاوب بعض الطلاب معه وهو أمر طبيعي.
في هذا التصرف ما هو أبعد من الكرة والتشجيع فمن إدخال مواضيع لاعلاقة لها بطابورالصباح إلى تنافر الطلاب وعدم وحدتهم كما يهدف له الطابورإلى عصيانهم لمعلمهم وتمردهم على أوامره إلى العديد مما يمكن أن يدل عليه تصرف كهذا لم يحسب هذا المعلم أبعاده.
كنت أتمنى لو أن هذا المعلم سأل:
من يشجع الهلال؟ ومن يشجع النصر؟ وطلب من الفريقين السلام على بعضهما البعض وتبادل التهاني ثم يلقي فيهم كلمة مختصرة عن أهمية احترام الخصم والتواضع عند الفوز ونبذ التعصب وإن يكررذلك فيما لو حدث العكس مستقبلا.
هذا التصرف ألا يمكن أن يقود لرد فعل مضاد مستقبلا في موقف مشابه إذ أنني هنا لا أعني نادياً بعينه ومشجعاً بذاته فكل الأندية لديها مثل هذه النوعيات لكن أن تصل إلى المدارس فهنا يجب ألا تمر مرورالكرام وأن تتم مساءلة المعلم بل ومدير المدرسة والجهاز الإشرافي التربوي فإذا كان هذا تصرفه أمام الملأ فكيف هو حال غرفة النشاط الرياضي وكيف هو تعامله مع الطلاب؟ بل أين إدارة المدرسة والإشراف التربوي إذ أن تصرفاً كهذا لم ينتج من فراغ بقدر ما هو امتداد لتعامل المعلم وتصرفاته وجزء من ثقافته.
وكما قلت قبل قليل لا اعتراض على التشجيع ومن حق كل إنسان أن يشجع النادي الذي يريد ويعلن ذلك لكن أن يكون هذا مرتبطاً بغرس القيم والمبادئ في نفوس النشء عن معاني الرياضة وأهدافها السامية حتى لا نفاجأ ذات يوم بتحول مدارسنا إلى فروع للأندية.
والله من وراء القصد،،،