تحدثت في زاوية الجمعة الماضية عن تميزنا في صحيفة الرياض بتغطية أولمبياد لوس أنجوس 1984 حيث تأهلنا لأول مرة في كرة القدم للأولمبياد إلى جانب المشاركة الضخمة للوفد السعودي وكيف حدث هذا؟ ووعدت بأن أتحدث اليوم عن مباراتنا مع منتخب البرازيل التي توجت ذلك التميز حيث انفردنا بنشر النتيجة وبعض من التفاصيل رغم فارق التوقيت.
كانت المباراة تبدأ الخامسة فجرا بتوقيت السعودية والصحيفة يتم طبعها عند الثانية صباحا لتتمكن من التوزيع المبكر مع بقية الصحف حسب الاتفاق مع شركة التوزيع وأي تأخير تدفع ثمنه ماديا مقابل تسيير خط توزيع خاص لها وكانت وسيلة الاتصال الوحيدة الهاتف الثابت ومع زحمة الطرق في لوس أنجلوس وبعد المباراة خاصة فإن الوصول للفندق يتطلب ساعتين على الأقل مما يعني استحالة تغطية الحدث.
كنت أتجول في الملعب قبل المباراة وقرب المقاعد المخصصة للصحفيين ولفت نظري جهازهاتف ثابت على أحدها دفعني الفضول إلى رفع سماعته والاتصال برقم في السعودية من باب التجربة واكتشفت أنه مفتوح فسارعت الاتصال بالزميل محمد الدويش المشرف على الشؤون الرياضية بالإنابة أعرض عليه فكرة تغطية المباراة حيث نقل العرض إلى رئيس التحريرالأستاذ تركي السديري الذي رحب بالفكرة وتحمس لها وكان أكثرالمهتمين والمتفاعلين معها نائب رئيس التحريرالأستاذ محمد الجحلان (رحمه الله) الذي وقف مع الزملاء طوال الليل وحتى طباعة الصحيفة كواحد منهم في المتابعة والإشراف على الطبعة واعتمدت التغطية على محورين:
الأول:
تجهيز الصحيفة كاملة للطبع وترك مساحة للمباراة في أعلى الصفحة الرياضية حيث كانت الطباعة تعتمد على الأفلام وليس كما هو حاصل الآن وبالتالي ستتم طباعة الخبر لوحده ومن ثم وضعه في المكان المخصص وتواجد جميع الزملاء وتم توزيع المهام فيما بينهم كما تم تكليف أحد الفنيين بساعات عمل إضافية وبذل المرحوم الجحلان جهدا كبيرا في متابعة الحدث مع الزملاء.
الثاني:
جلست إلى جانب الهاتف المذكوروكنت على اتصال بالزملاء أنقل لهم الحدث أولاً بأول وقبل نهاية المباراة بربع ساعة أي عند 6:30 بتوقيت المملكة كانت الرؤية الفنية قد اتضحت فأعطيتهم التحليل مختصرا وتم طباعته والانتظارلأي طارئ في المباراة وبقينا على الخط حتى أعلن الحكم نهاية المباراة.
دارت ماكينة الطباعة قبل السابعة صباحا ونزلت الصحيفة في وقت مبكر وكانت مفاجأة للقارئ ونفد العدد مبكراً من الأسواق رغم مضاعفة الكمية حيث كانت الصحيفة الوسيلة الوحيدة آنذاك لتوصيل الخبر وزاد من جمال التغطية أن النتيجة كانت مشرفة حيث خسرنا 1ـ3 في أول لقاء رسمي مع منتخب البرازيل وسجل ماجد عبدالله أول هدف سعودي في محفل عالمي.
أما خط الهاتف فقد علمت فيما بعد أنه ورد إلى بعثة المملكة عقب نهاية الدورة مطالبة من اللجنة المنظمة بتسديد فاتورة مكالمة عليه إلى السعودية لم يكن أحد يعلم مصدرها ربما إلى هذا الوقت ولكن كرم الأمير فهد بن سلطان رئيس البعثة وكرم الدولة ممثلة فيه أمر بتسديدها طالما أنها للسعودية فهي في النهاية من أحد أعضاء الوفد.
أما صحيفة الرياض فقد دفعت الثمن وتحملت تكاليف تسيير خط التوزيع وتكليف بعض الفنيين لكنها كسبت احترام القارئ وكما قلت الأسبوع الماضي:
إذا أرت أن تتميز صحفياً عليك ألا تتثاءب وتستمتع بمتابعة الحدث قدر اهتمامك بنقله إلى القارئ فهي المتعة الحقيقية.
والله من وراء القصد،،،