أشعر أن ثمة تشابه بين حالة اللاعب والكاتب خاصة اليومي في أموركثيرة. كلاهما يحتاج إلى إجازة بعد الموسم. وكلاهما يحتاج إلى لياقة بدنية عالية وجاهزية من كل النواحي لكي يؤدي دوره على الوجه الأكمل. اللاعب أمام جمهورلا يرحم يصفق له عندما يبدع ويقابله بالتصفير وعبارات الاستهجان عندما يخطئ أوتتكررأخطاؤه ويطالب بتغييره وقد يصل الأمرإلى مطالبته بالاعتزال والحال ذاتها مع الإعلام ونظرته أوتقويمه للاعب. والكاتب كذلك فجمهوره وإعلامه هو القارئ الذي من خلاله وردود فعله يستطيع تقويم نفسه وقلمه وبالتالي عليه أن يجتهد في تقديم مايرضي ذائقة هذا المتلقي ويضيف إليها وإلا فإنه أي (المتلقي) سيتحول عنه فالبدائل أمامه كثيرة في ظل إعلام مفتوح وعبر وسائطه المختلفة. وإذا كان اللاعب مطالباً بأن يكون صادقا مع نفسه بالاعتذارعن عدم المشاركة في أي مباراة ما لم يكن جاهزا ومهيأ لذلك سواء من الناحية النفسية أوالفنية أوالشفاء التام من الإصابة فالكاتب كذلك بالتوقف أوالغياب إذا لم تكن الفكرة أوالموضوع ترتقي لتطلعات القارئ. الزاوية الأولى للكاتب بعد العودة من الإجازة مثل المباراة الأولى للاعب في بداية الموسم يكون فيها تحت المجهروأنظارجمهوره وماذا سيقدم خلال هذا الموسم؟ وما مدى استفادته من المعسكرالإعدادي؟ كنت ومازلت أطالب اللاعب ألا ينقطع نهائيا عن ممارسة الرياضة ومداعبة الكرة ولوعلى الخفيف أثناء إجازته حتى لايفقد حساسيته على الكرة وتسهل عودته للملاعب ودخوله أجواء المباريات والمنافسة، فالإجازة في البعد عن هموم الكرة وجو المباريات والضغوط النفسية من الجمهوروالإعلام ولهذا تأتي المعسكرات الإعدادية المبكرة جامعة بين الترفيه والإعداد لإعادة اللاعب إلى هذا الجو وكلما كان اللاعب مهيأ لذلك كلما كانت عودته أسهل وأسرع. والكاتب أيضا يبتعد عن هم الالتزام اليومي لكنه يظل على إطلاع ومتابعة لما يدور حوله وإن لم يكن بنفس الدقة والحرص كما كان أثناء (موسمه) حتى لايفقد حساسيته مع القلم والكتابة اليومية فهو الآخر يحتاج فترة حتى يدخل جو الكتابة واستعادة مخزونه اللياقي خاصة عندما تتوافق إجازته مع شهررمضان حيث يقل الاطلاع ويتفرغ لما هو أهم. مشكلة الكتابة اليومية ليست في الموضوع أوالفكرة خاصة أثناء الموسم الرياضي فهي موجودة ومطروحة ولكن في اختيارمايبحث عنه غالبية القراء ويقنعهم ويضيف لهم. أحياناً قد لاتحتاج بضع دقائق لاصطياد فكرة ما وأحيانا بضع ساعات لإنتقائها بين العديد من الأفكارالمطروحة إذا كنت تبحث عن الجودة ثم تأتي مسألة الصياغة والكتابة وحصرها في عدد محدد من الكلمات وفق متطلبات الزاوية وقد تختار موضوعا معيناً وتبدأ كتابته ثم تجد صحف ذلك اليوم قد تناولت حدثا أكثرأهمية فتضطرإلى تأجيل فكرتك ومسايرة الحدث. ذات مرة كتبت عن العنصرية في الرياضة ووعدت باستكمال الحديث في اليوم التالي ثم فوجئت برئيس التحرير يتصل بي ليلاً يخبرني بأن الزاوية (الثانية) لن تنشرإذ إن هناك اتفاقاً على عدم الخوض في هذا الأمر، فسألني إن كانت هناك زاوية بديلة والصحيفة ماثلة للطبع أم يعتذرون؟ فكتبت زاوية أخرى عن فريق النهضة وعودته للدوري الممتاز والتي كنت مخصصها لليوم الذي يليه. ما أعنيه هنا أن الكاتب اليومي معرض للكثير من المواقف وعليه أن يكون جاهزاً للتعامل معها كما هي حالة اللاعب في المباراة. والله من وراء القصد،،