في زاوية الأمس تحدثت عن غياب اللاعب السعودي عن قائمة هدافي الدوري هذا الموسم وخلوالعشرة الأوائل منه إلا من ياسرالقحطاني رابعا وناصرالشمراني ومحمد السهلاوي في المركزالعاشرمكرر، بعد أن كان أعني الهداف السعودي يتصدرالهدافين في مواسم سابقة وصعود نجم الأجنبيين تيجالي (الشباب) وسالومو(الفتح) إلى الصدارة وهما اللذان كانا يحتلان مراكزمتأخرة جدا في المواسم الماضية، وقلت إن من أسباب هذا الغياب تغييرخطط بعض الفرق واستراتيجياتها وتطورمستوى أخرى ومراكزها في الدوري إلى جانب تذبذب مستوى اللاعب السعودي وعدم تطبيقه الاحتراف بمفهومه الحقيقي والخلافات بينه وبين الجهازالفني للفريق .. إلخ. والواقع أن هذا الغياب في المواسم الأخيرة لا يقتصرعلى اللاعب الهداف فقد بدأت تختفي المواهب اللافتة للنظرفي مختلف المراكز. صحيح أن للخطط والأساليب الكروية دورها في ذلك، وتحول الكرة إلى الفريق النجم أكثرمن اللاعب النجم، لكن هذا لايمنع من تواجد عناصرمؤثرة قادرة على صنع الفارق تظل هي مطلب الجماهيروالأندية. لم نعد نرى ذلك المهاجم الذي تثق بأنه سيسجل في أي لحظة ويشكل ضغطا نفسيا وفنيا على الفريق المقابل. ولا لاعب الوسط الذي يقود الفريق داخل الملعب ويكون العين الثالثة للمدرب داخل الملعب. ولا المدافع الذي يصنع للفريق هيبته. ولا حارس المرمى الذي يمنح الاطمئنان لفريقه ولجماهيرالفريق. نعم هناك نجوم لكنها معدودة، وما أعنيه هنا الذي يعطي طوال الموسم بمستوى ثابت بل وعلى مدى مواسم عديدة. الاحتراف له دوره الإيجابي في تنمية الموهبة ذاتيا وتطويرمستواها، لكن عدم تطبيقه بصورة صحيحة كان له إنعكاسه السلبي على اللاعب. فالموهبة التي لا تقدرقيمتها ولا تملك بعد النظرفي قصرعمرها في الملاعب الرياضية تختصرالزمن وتنتهي قبل أن تبدأ أوتنضج. والأندية أصبحت تبحث عن اللاعب الجاهزمحليا أودوليا لسد الخانات الموجودة في الفريق على حساب مواهب واعدة تحتاج لنوع من الاهتمام. أربعة أجانب يمثلون 40% من الفريق وهومايقارب نصفه (عدا حارس المرمى) أثرت ولاشك على بروزعناصرمؤهلة ومؤثرة في مراكزه الهامة والحساسة، فقد اتجهت معظم الأندية إلى التركيزعلى العمود الفقري له واختيارالعناصرالتي تشغله ونعني بذلك متوسط الدفاع والمحوروصانع اللعب والمهاجم. هذا الوضع أدى إلى غياب كشافي المواهب وتراجع دورهم الذي كان يتمثل في متابعة فرق الحواري التي هي الأساس في تواجد المواهب واكتشافهم. كلنا نتذكرمدرسة الهلال الكروية فترة الثمانينيات والتي أنتجت رغم ضآلة إمكاناتها عددا من النجوم الذين قادوا الهلال في تلك الفترة ووصلوا إلى المنتخب ومنهم يوسف الثنيان وسامي الجابروالتمياط أخوان وعبدالرحمن التخيفي وغيرهم، والآن تقوم أكاديمية النادي الأهلي بدوركبيرفي هذا المجال وإعداد النشء وصقل المواهب وتطويرقدراتهم. وقد أحسن اتحاد القدم صنعا وهويلتفت إلى الحواري ويسعى لتكوين رابطة تضم فرقها تهتم بالدوريات الخاصة بها لأنها الأساس في مد الأندية بالمواهب والنجوم. إن ما تصرفه الأندية على لاعب أجنبي أوأكثرلا يفيد الفريق يمكن استثماره في تنمية وتطويرمهارات ثلاث مواهب أوأكثريستفيد منها النادي على المدى البعيد سواء في تمثيله أوبيع عقودهم والاستفادة منها في ذات الإطار. مشكلتنا أننا إلى الآن لم نستوعب الأبعاد الأخرى من الاحتراف ولازلنا نتعامل معه على أنه لاعب وراتب وأجنبي، حتى الأجانب في كثيرمنهم لايرتقي إلى المستوى الذي يفيد الكرة السعودية. والله من وراء القصد.