عندما يصعد فريق خاصة في كرة القدم، ونحن هنا نتكلم في هذا المجال إلى درجة أعلى، فهذا دليل تطورمستواه ومستوى الرياضة في المنطقة التي ينتمي إليها.
وعندما يكون هذا الصعود إلى دوري جميل فهذا يعني تطورا أكبر واتساع قاعدة الممارسين للعبة وتحقيق أحد أهداف الاتحاد السعودي لكرة القدم في هذا المجال.
لكن هذا الصعود وهذا التطورأصبح يشكل عبئا على الجهات المسؤولة وعلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب بل وعلى الأندية نفسها وربما بأثرسلبي على شباب هذا الوطن بدلا من أن يكون إيجابيا سواء كان هذا العبء والتأثيربصورة مباشرة أوغيرمباشرة.
صعود فريق إلى درجة أعلى خاصة إلى دوري جميل لاينعكس فقط على الفريق الصاعد قدرانعكاسه على تنمية المنطقة عموما وهذا هوالأهم.
وجود الفريق في هذه الدرجة يعني حضورالفرق الأخرى الكبيرة بنجومها الكبار والإعلام والنقل التلفزيوني إلى المنطقة بما ينعكس عليها اقتصاديا ويسهم في حراكها التجاري والاجتماعي.
هذه الأمورقد لايدرك البعض مدى إيجابياتها على شباب المنطقة وتشكيلهم الثقافي وتنمية الوعي لديهم، وإذا لم تتوفرلهؤلاء المنشأة الرياضية التي تستوعب هذا الحضوروتسمح به وأصبحت الفرق تلعب خارج مدنها وبعيداعن أبنائها وجماهيرها فإن أبرزأهداف رعاية الشباب واتحاد القدم لم تتحقق.
هل نلوم الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقصورالنظروعدم التخطيط المستقبلي للمنشآت الرياضية وتوزيعها جغرافيا وفق أسس سليمة بعيدا عن الاعتبارات الأخرى؟
أم نلوم وزارة المالية وقصورها في دعم هذه المشاريع ووقوفها حجرعثرة مهما كانت المبررات والأسباب وهي تدرك أن هناك حلولا يمكن الوصول إليها متى ما أرادت ذلك ؟
أم نلوم الجهازين لعدم قدرتهما على التفاهم والوصول إلى قناعة مشتركة تحقق تطلعات ورغبة الطرفين ؟
نتساءل لأن الضحية في النهاية شباب الوطن ومن تتوجه له الدولة وترعاه وتحرص على تنميته والحفاظ عليه، أما مسؤولو المكاتب فهم يتعاملون مع الوضع من خلال الأنظمة والبيروقراطية بعيدا عن الميدان والنزول إليه وملامسة الواقع.
قد يكون الأمرمقبولا قبل 25 أو35 عاما عندما كانت عدد فرق الدوري لاتتجاوز8 أندية أو10 والمباريات 56 مباراة وبحد أقصى وصلت إلى 90 أي أن عدد مباريات الموسم قد لاتتجاوزالـ 100 مباراة وتتركزفي المدن الرئيسية الرياض وجدة والدمام أوالخبروبحد أقصى مكة المكرمة والمدينة المنورة، لكننا في عصرالاحتراف الذي بات أمرا لاخيارفيه شئنا أم أبينا ومباريات تتعدى الـ 500 مباراة في الموسم في مختلف المسابقات بما فيها دوري ركاء، ودخلت للدوري أندية من الشمال والجنوب ومن مدن كانت تحلم بطرق برية معبدة فأصبحت في الواجهة تعليميا وثقافيا ورياضيا، وملاعب تخضع لشروط ومواصفات مفروضة من هيئات عليا خارجية تهدد بالتأثيرعلى كرتنا ورياضتنا إذا لم نلتزم بها، وأعتقد والحالة هذه أن الأمرلم يعد مقبولا ولايتناسب وروح العصر.
الأندية تتطوروتتنامى بجهود ذاتية من أبنائها ورجال أعمال المنطقة، لكنها لاتجد الدعم ومواكبة هذا التطورمن قبل بعض الجهات المسؤولة بتوفيرالمنشآت التي تعينها على تنفيذ برامجها وأهدافها التي أنشئت من أجلها، وبما يحقق تطلعات أولي الأمرونظرتهم وطموحات الشباب وآمالهم، فالقضية ليست كرة قدم فقط لكنها تتجاوزذلك إلى الألعاب المختلفة والمناشط الاجتماعية والثقافية الأخرى، وهذه عادة ما تزدهروتتنامى في مثل هذه البيئة ذات التركيبة الديمغرافية الخاصة والثقافة المجتمعية المختلفة عن المدن الكبيرة. والله من وراء القصد.