النصر والهلال عندما يلتقي أحدهما بالآخر في نهائي بطولة كبرى تقف البطولة أمام ذاتها صامتة احتراماً لهما ويقف التاريخ لحظات يحتفي بهما. الهلال والنصر على نهائي بطولة هو بعث لعبق التاريخ وتعطير لحاضره واستشراف لمستقبله. وعندما يرعى (سلمان بن عبدالعزيز) هذا اللقاء، فإنما يضيف إليه نكهة مميزة تعطيه أبعاداً أخرى. هي الأولى التي يرعى فيها (سلمان بن عبدالعزيز) الكأس بصفته الرسمية (ولياً للعهد) وهي الأولى التي يلتقي فيها فريقان على كأس سموه من هذا الموقع. (سلمان بن عبدالعزيز) اعتاد الهلال أو النصر على مدى تاريخ طويل وعقود من الزمن أن يتشرفا بلقائه في مكتب سموه متوجاً بطولة فازا بها هنا أو هناك ومباركاً كأسها. واليوم يلتقي (سلمان بن عبدالعزيز) النصر والهلال -ولأول مرة- كبطلين فيتوج أحدهما ويبارك للآخر. قبل 45 عاماً وتحديداً موسم 1389هـ 1969م عندما تم دمج أندية المملكة جميعها في بطولة واحدة (كأس الملك) ثم (ولي العهد) قبل 31 عاماً 1411 ـ 1991 بنفس النظام وإحداث كأس خادم الحرمين الشريفين ثم كأس الأبطال على مدى هذا التاريخ والبطولات لم يلتق الهلال والنصر على نهائي أي منها سوى 4 مرات فقط 3 منها في كأس الملك بنظامه السابق وقبل الاحتراف (1401 و1407 و1409)، وواحدة في نهائي دوري خادم الحرمين الشريفين (1415)، لكن كل منهما كان يصل لهذه النهائيات ويضع عليها بصمته. هي الأولى التي يلتقي فيها الهلال بالنصر على نهائي كأس ولي العهد. وهي الأولى التي يلتقي فيها الفريقان على نهائي كبير منذ 20 عاماً تقريباً. لغة الأرقام تقول إن الهلال هو الأكثر حضوراً في النهائيات وفوزاً بها. ولغة الأرقام تقول إن الهلال هو الأكثر حضوراً في كأس ولي العهد، بل إن الفوز بها أصبح جزءاً من ثقافته. ولغة الأرقام تقول إن الفريقين التقيا في نهائي كبير 4 مرات كانت الغلبة فيها للنصر عدا واحدة. لكن المؤكد أن لغة الأرقام لا تلعب دوراً في منح التفوق الآني في لقاء حاضر، فهي صفحات في تاريخ، ولا شك إن التاريخ المشرف هو إرث يفتخر به صاحبه أكثر من كونه أساس يعتمد عليه في صناعة الحاضر. تباعد اللقاءات النهائية بين الهلال والنصر خاصة في الفترة الأخيرة منحها بعداً آخر يجعلها تتحول إلى "لقاءات أجيال" أو تنافس عبر أجيال مختلفة ليست كمباريات الدوري على سبيل المثال. جيل 1401 يختلف تماماً عن جيل 1415 ومن المؤكد أن جيل 1433 يختلف كلياً عن تلك الأجيال وعن أقربها ثقافة ونوعية على أن طبيعة المنافسة الدورية بين الفريقين لابد أن تلقي بظلالها على النهائي بصورة عامة والمباراة الدورية الأخيرة التي فاز فيها النصر بهدف بعد سنوات من الغياب أمام غريمه الهلال لها ظل خاص وتأثير مباشر على هذا النهائي إذا أحسن كل نادٍ التعامل مع تلك النتيجة واستثمارها لصالحه. النصر هو الأفضل معنوياً وفنياً عطفاً على اللقاءات والمباريات السابقة، والهلال يعاني هذا الموسم من عدم الاستقرار والتذبذب في المستويات والنتائج خاصة في الفترة الأخيرة، لكنها تظل مباراة (النصر والهلال) و(الهلال والنصر) ونهائي لأول مرة كلٌّ يسعى لكسبه. الهلال لخطف بطولة جديدة اعتاد عليها مهما اختلف نوعها ومسماها، وكأس أصبحت جزءاً منه براعٍ جديدٍ ومسمى جديد. والنصر الذي يريد العودة لساحة اشتاقته كثيراً واشتاق إليها عبر كأس جديد ومسمى جديد. والله من وراء القصد،،،