كلنا يعرف القصة المتداولة في الأوساط الاجتماعية لتلك العجوزألتي تضع كرتونا وتطلب من أولادها وأحفادها عندما يزورونها في اجتماعهم الأسبوعي أن يضعوا جوالاتهم وأجهزتهم فيه وأخذها عند المغادرة وهي لاتحتاج إلى تفسير.
تذكرت هذه القصة مع أول اجتماع لاتحاد كرة القدم الجديد بعد خروجنا من كأس الخليج ورغم أهميته والمواضيع المدرجة عليه إلا أن مالفت نظري فيه نقطتان:
ــ تسريب قرارات الاتحاد أثناء الاجتماع وكنت أستمع إليها عبرإحدى إذاعات الـ F.M
ــ التناقض بين تصريح المتحدث الرسمي للاتحاد وبين رؤية الاتحاد المدعمة بالأدلة والتقاريرحول سبب إبعاد أحد اللاعبين عن المنتخب.
وبقدرما يؤلمني تسرب الأخبار إلا أنني أحيي الإعلامي الذي استطاع اختراق الاجتماع والحصول على المعلومة لأنه عمل صحفي جيد فالإعلامي الناجح هومن يستطيع استثمارقدراته وعلاقاته في الوصول إلى هدفه دون الإضراربمصالح الآخرين.
وعودة إلى قصة العجوزفقد ذكرني بها قرارالاتحاد بمنع دخول الجوالات إلى جتماعاته المقبلة بعد هذا التسريب وأخشى أن يأتي يوم يلجأ فيه الاتحاد إلى (التفتيش اليدوي) على العضوالداخل إلى الاجتماع أو إلغاء أجهزة الحاسب الآلي الموضوعة أمام الأعضاء لتوظيفها في الاجتماع ذلك أن الصحفي الناجح والباحث عن المعلومة لن يمنعه شيء عن الحصول عليها.
أذكرفي عام 1984 وكنت مشرفا على الشؤون الرياضية بجريدة الرياض أننا وزعنا المهام بين الزملاء والاتحادات الرياضية والأندية ومصادرالأخباربحيث تتنامى علاقة الزميل بتلك الجهة أوالمصدروتتحول إلى صداقة ليصبح أكثرمعرفة بأسرارها وكان أن قمنا بتسريب تفاصيل اجتماع رئيس ناد كبيربالفريق مما أغاظه خاصة وأنه معروف بقوته وحرصه ولايرتبط مع الجريدة بعلاقة ود فبدأ يسأل عن كيفية تسريب ما دار فيه وأبعد عددا منهم عن الاجتماع القادم بعد أن شكك في البعض ومع ذلك نشرنا تفاصيله ثم أبعد الجهازالإداري كاملا وفي خطوة أخرى الجهازالفني وقصرالاجتماع على اللاعبين فقط وفي كل مرة ننشرمايتم بأدق التفاصيل بعضها بصورة صريحة وأحيانا باللمزوعلى طريقة (سري وليس للنشر) حتى وصل الأمر إلى اجتماعه بالـ 11 لاعبا أساسيا في الفريق ومع ذلك نشرناه ونشرنا تهديده بعدم تسريب ما دار فيه.
كانت تربط مندوبنا علاقة مميزة مع أحد اللاعبين تنامت مع الأيام أساسها الثقة فكان المصدرفي زمن لايوجد فيه وسيلة إتصال غيرالهاتف الثابت أوالتواصل الشخصي وكنا نتعامل مع اللاعب كأي لاعب آخر دون تمييز ونتحاشى نشرأخباره والتركيزعليه حتى لاتطاله التهمة.
ما حدث أمرطبيعي في عالم الإعلام لكن ماهو غير طبيعي أن يفقد المجتمع الرياضي مصداقيته في بعض أعضاء اتحاده المنتخب من البداية وأن يختلف الاتحاد مع متحدثه الرسمي حول بعض الحقائق الهامة والحساسة.
أعتقد أن المطلوب من هذا الاتحاد كخطوة أولى أن يعتمد الشفافية والوضوح مع الوسط الرياضي وأن يبادرفي توضيح الحقائق حتى يقطع الطريق على الشائعات ومايثيرالبلبلة في محيطه وأن يضع له منهجا (داخل أروقته) لضبط بياناته وتوحيدها وعلى بعض الأعضاء أن يدركوا أن الجمعية العمومية قد وضعت ثقتها فيهم وهي التي استمدت هذه الثقة من الوسط الرياضي وهذا يتطلب العمل من أجل مصلحة الاتحاد ومصلحة الكرة السعودية التي أؤتمنوا عليها بدلا من الإنشغال برسائل الجوال وتسريب الأخباروالبحث عن الذات.
والله من وراء القصد