(أخشى ما أخشاه أن نعود إلى المربع الأول بعد دورة كأس الخليج الـ 21 في البحرين فنمارس هوايتنا المعتادة بجلد الذات ونجرد اللاعبين من حسهم الوطني والمدرب من مهنيته وخبراته وتاريخه الكروي).
هذا الكلام كتبته مقدمة لزاويتي (كأس الخليج .. المربع الأول) قبل بدء دورة الخليج بخمسة أيام وختمتها بقولي (هذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما يفرضها المنطق وأرجو ألا تتحول إلى واقع) وهو ما حصل بالفعل من اجترار لما سبق وتكرار لما قلناه ونقوله على مدى خمس سنوات وربما أكثر، نفس الآراء، نفس الطروحات، نفس الأفكار، ونفس ردود الفعل، وربما من نفس الأشخاص.
قد لا أعتب على السيد ريكارد في عدم معرفته بدورة الخليج وأسرارها عندما صرح بأنه سيعود بكأس الخليج وأنها غاية وليست وسيلة وأنه لا يهمه إنهاء عقده قدر أهمية العودة بالكأس وهو ما أشرت إليه في ذات الزاوية لكني أستغرب أن يكون ذلك موقف من هم حوله في المنتخب والاتحاد والمحللين الرياضيين وغيرهم خاصة من عاصروا الدورة، أما الجيل الجديد الذي يرى أنها بطولة يجب أن تتحقق وأولئك الذين ينتظرون أي خسارة للمنتخب لتصفية حساباتهم مع آخرين فهؤلاء لن يقنعهم شيء حتى لو فاز المنتخب بالبطولة فسيبحثون عما يقلل من أهمية الفوز بالبحث عن أخطاء أخرى.
تأهلنا لكأس العالم 4 مرات وهو ما يعادل نصف عدد مشاركاتنا في التصفيات التأهيلية وفزنا بكأس آسيا 3 مرات ومثلها الوصيف من أصل 8 مشاركات، بينما في دورة الخليج لم نفز سوى بـ3 بطولات من أصل 20 مشاركة حتى في فترات كنا فيها الأفضل وكانت الكرة السعودية تمر بعصر ذهبي ونجوم كبار.
والمرات الثلاث التي فزنا فيها كان تفكيرنا فيها مختلفا وإهتمامنا مختلفا ونظرتنا لدورة الخليج مختلفة أيضا وعلى صعيد المشاركة إلى ماقبل هذه الدورة فقد كان المنتخب هو الأفضل مع الشقيقة الكويتي والأكثر فوزا نسبة إلى عدد المباريات حيث فازالمنتخب السعودي بـ51% من مبارياته فيما فازالمنتخب الكويتي بـ 52% بفارق 1% ثم العراق بـ 49% مما يؤكد أن الفوز بالبطولة في دورة الخليج ليس ترجمة للمستوى الذي يقدمه الفريق في كل الأحوال.
إذاً لماذا هذه الحساسية والنظرة لدورة الخليج؟
ولماذا نعتبرها مقياساً لمدى تطورنا الكروي أونجاح برامجنا الرياضية والشبابية؟
تأتي دورة الخليج فتوترالأعصاب على كل المستويات، وتعتلي النفوس أطراف الخشوم، ويحتقن الشارع الرياضي والإعلام ويتحول الجميع إلى محللين ومنظرين ومدربين واختصاصيين نفسيين، وتتحول القنوات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية إلى مواقع لتفجير طاقات مكبوتة وكأنها تنتظر هذه اللحظة يجتهد بعضها بحثاً عن الإصلاح والآخر لتصفية حسابات وفئة ثالثة لتنفيذ أجندة معينة تجاه أفراد معينين مستغلة الخطأ العام وتخصيصه بانتقائية لإبعادهم عن مواقعهم وتصدر القرارات التصحيحية في ظاهرها وحقيقتها امتصاص غضب الجماهير وتوجهات الرأي العام والنقاد.
لا أعني هنا أن نترك الأمور تجري في أعنتها ولا نعيرها اهتماماً بقدر ما أدعو إلى الواقعية في النقد والتعامل مع الحدث حتى في النظرة إليه لتكون ردة الفعل متناسبة معه.
في ظني لو أننا أحضرنا جميع خبراء التدريب في العالم وخبراء الإدارة الرياضية والاختصاصيين النفسيين ووليناهم أمرالمنتخب فلن يتغير وضعه طالما أن الطرح الإعلامي والتعامل مع المنتحب بهذه الصورة.
والله من وراء القصد،،